على باب الله

التعديل الحكومي

المصطفى كنيت

مل حزب الاتحاد الاشتراكي من الانتظار، وتعب من القعود على دفة الاحتياط، هو الذي اختار أن يجلس بين كرسين: لا معارضة صريحة، و لا مساندة مفيدة لأغلبية مريحة تضم أزيد من ثلثي البرلمان.

الاتحاد الاشتراكي، الذي رماه مكر السياسة خارج الحكومة، بعد ان استأنس بالمقاعد و حمل الحقائب الوزارية، منذ حكومة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، المعينة في 14 مارس 1998،  سمح فيه عزيز أخنوش، بعد انتخابات 8 شتنبر 2021، هو الذي، كان يمتلك يقين المشاركة،  قبل أن تخرج  الحمامة من كم معطفه، و تطير، كما يطير كل الحمام، و يبقى فقط " الزوان".

و بعد سنتين، من عمر هذه الحكومة، أصدر المكتب السياسي للحزب بلاغا يدعو فيه الى " رجة لا تقف عند تغييرات في الكاستينغ البشري للجهاز التنفيذي"، وذلك على أمل  قد تعيد هذه الرجة  الاتحاد الاشتراكي إلى صفوف الحكومة، و الدواوين، و المناصب العليا، والأجوبة على أسئلة النواب و المستشارين المحترمين، و فن الخطابة في الأقاليم و الجهات، التي تكاد تفتتها الصراعات ( طنجة/ فاس)، و كأن الحزب  يمتلك، وحده البروفيلات الضرورية لحل " الأزمة".

موقف الاتحاد الاشتراكي منذ إبعاده من التحالف الأغلبي، مر من ثلاث مراحل:

 المرحلة الاولى ، ابتكر فيها الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر،  مصطلح " التغول"، و هاجم التحالف الحكومي بعنف،  قبل أن يلين موقفه، مراهنا عن انفجار الأغلبية بإبعاد " البام".

في هذه المرحلة، قام الحزب بدور " النفخ على  الجمر"، حتى يزند لهيب الفرقة بين الحلفاء، لكن هذه الخطة لم تفلح في إحراق تلابيب جلباب عبد اللطيف وهبي، الذي استغل المجمر من أجل " تفوسيح" الأصالة و المعاصرة، من عيون المتربصين، إلى درجة أن  أخنوش أصبح يعتبره " قطعة" أساسية في التركيبة الحكومية.

المرحلة الثانية ، انسحب فيها الحزب من المعارضة، معلنا عن تأسيس المعارضة اتحادية، دشنها بسؤال كتابي حول فضيحة النفط الروسي، كرسالة لأخنوش، مالك أكبر شركة للمحروقات بالمغرب، غير أنه لم يكمل "اللعبة"، و رفض التوقيع على طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول " النفط الروسي"، الذي أصبح يسيل أنهارا في محطات الوقود، و دموعا في عيون المغاربة.

 المرحلة الثالثة ، هي مرحلة " اباك بغا يتزوج"، رغم أنه الطلاق بين مكونات الأغلبية، لا يزال مجرد " كلام"، و رغم أن الاحزاب المشكلة لها، قد تحتاج فقط إلى  " كاستينغ"، لتطعيم صفوفها بوجوه جديدة، بدل اللجوء إلى أبغض الحلال، و استبدال فريق بفريق.

و لم يحدث في تاريخ المغرب، أن دعا حزب في المعارضة إلى تعديل حكومي، لأنه هذا السلوك السياسي، يقع خارج قواعد اللباقة، و فيه تقليل للحياء على رئيس الحكومة، و تجاوز للأعراف الدستورية، و قواعد الأخلاق السياسية.

و الأكيد أن السياسة تقوم على التوافقات، و ليس على الاملاءات، و أن حتى التناوب التوافقي خضع لهذه القاعدة، التي يريد الحزب، الخروج عنها اليوم.

و الأكيد أيضا أن هذه الحكومة، لا تتجاوب،  مع انتظارات الشعب المغربي وقواه الحية، إلا جزئيا، و هذا حال كل الحكومات، قبل و بعد  حكومة التناوب التوافقي نفسها، لأن الإكراهات، أحيانا، تكون أكبر من الإمكانيات،  و هي إمكانيات لا يملك الاتحاد الاشتراكي عصا سحرية لتوفيرها.

و الأكيد، أيضا، أن الرغبات الجامحة للأفراد ، قد تجني على ما تبقى من  رصيد الأحزاب...