قضايا

ما هي غايتي كبهائي مغربي؟

جواد مبروكي

سوف لا أتحدث عن الدين البهائي؛ لأن هذه مسألة شخصية، والذي يهمنا جميعاً هو العلاقات الإنسانية التي تجمعنا كمجتمع بشري وحضاري. ولهذا، أركز على أهمية التمييز بين الديانات وبين المؤمنين. وبما أن هناك الكثير مما يقال سلبياً عن البهائيين، ولإزالة سوء الفهم أخذت في كتابة هذا المقال لأتحدث عن تجربتي الشخصية كمؤمن بالدين البهائي ومواطن مغربي لأوضح ما هي غايتي وأملي وهدفي بعدما تركت جزيرة لارِيّْنْيونْ وقررت الاستقرار بوطني.

هجرت المغرب في السابق من أجل الدراسة، وبعد تكويني استقررت بجزيرة لارِيِّنْيونْ الفرنسية بالمحيط الهادي، وحصلت على الجنسية الفرنسية، وكنت أشتغل بمستشفى سانْ بْيِيرْ، وكان مشروعي آنذاك هو الاستقرار الدائم بفردوس هذه الجزيرة. وبعد سنوات، توصلت بخبر كان بين مضامينه أن على الفرد البهائي الذي ينتمي إلى دول في طور النمو وتمكن من تكوين خاص وتجارب ميدانية في الدول المتقدمة من الأفضل له أن يعود إلى وطنه ليخدمه ولينتفع بمعرفته وتجاربه ويشارك في نموه ومساعدة مجتمعه. اقتنعت بالفكرة النبيلة وها أنا مستقر الآن بوطني، ولست نادما أبداً؛ بل أنا سعيد بوجودي داخل مجتمعي، من أجل أهداف سامية.

ما هي غايتي كبهائي مغربي، وعلى أي أهداف أشتغل وأسعى إلى المشاركة في تحقيقها:

ليس من أهدافي تحويل عقيدة أي مغربي كيف ما كانت ديانته أو دخول جميع المغاربة في دين واحد؛ بل هدفي هو التعايش والتشارك والوحدة والمحبة والمشاركة في بناء مجتمعنا ويبقى تنوعنا زينة وخاتَم الوحدة والتعايش؛

2- الحس بالانتماء إلى مجتمعي والتكريس لتقوية هذا الحس تحسينا لخدمة وطني والشعور بالمسؤولية اتجاهه؛

3-المساهمة يدا في يد مع كل من يسعى إلى تحقيق التعايش في وطننا بين كل المعتقدات والأديان بالروح والريحان والإيمان باحترام كل مواطن كيف ما كانت عقيدته أو أفكاره؛

4- بذل كل الجهد للمساهمة في وحدة وطني بتنوعه الشامل كبهاء حديقة تملأها جميع أنواع الزهور بألوانها وعطورها المتعددة؛

5- الإيمان بأن وطني سيزدهر وستسوده الراحة والهناء والرخاء، وهذا الإيمان هو الذي يفرض عليّ المسؤولية كمواطن للمشاركة في بنائه ويغذيني ويشجعني على الاستمرار بالبقاء في وطني، وهذا شرف لي لخدمة مجتمعي آملا في مستقبل زاهر لمجتمعنا؛

6- الإيمان بالمَدنِيَّة الإلهية يشجع على المشاركة في بنائها، ولو بحفنة من الرمل أو بكلمة تُذهب الحزن من القلوب؛

7- الإيمان بأن المجتمع الذي يحضنني هو عائلة واحدة، وبالرغم من النزاعات من الواجب المشاركة بكل ما أستطيع فعله لإتلاف الخلافات والعمل على تقوية المحبة والألفة؛

8- الابتعاد عن السياسة الحزبية، حتى لا أسهم في التفرقة والنزاعات من جهة والتقرب من الاشتغال على وحدة وطني والسير في طريق خدمة المجتمع من جهة أخرى؛

9- الحرص على الابتعاد عن كل تيارات أو حركات تكسر روح الوحدة والتعايش المجتمعي أو تقصي ولو مواطنا واحدا بسبب أفكاره أو لونه أو عرقه أو عقيدته، لأنني أومن بأننا كلنا أوراق شجرة واحدة وقطرات بحر واحد؛

10- الابتعاد عما يؤلم النفوس ويُدمر العلاقات الإنسانية؛

11- الإيمان بترك الدين إذا أصبح سبب النزاع والضغينة والعناد وتشتيت مجتمعنا، لأن سر الدين وجوهر وجوده هو التعايش والسلم والسلام والمحبة والتآخي؛

12- المشاركة في الأبحاث والمشاورات والأحاديث الاجتماعية سعياً إلى إدراك دور الدين كبرنامج روحاني ذي قيم إنسانية عالمية يوحد البشرية بجميع تنوعها في كل الميادين؛

13- الإيمان بأن العمل والاشتغال بإحدى المهن عبادة يتجلى في جدية العمل بكل إخلاص وكذلك في المعاملات بالانقطاع عن كل الأحكام المسبقة؛

14- الإيمان والاشتغال على التفكير وإدراك أهمية المساواة في الحقوق بين الذكر والأنثى وبأنهما جناحا المجتمع وإذا لم يكونا متساويين ومتوازيين فلن يستطيع طير المجتمع التحليق في أعالي سماء السلم والازدهار؛

15- الاهتمام والعمل على أهمية تربية الأطفال على المبادئ الإنسانية العالمية والقيم الروحانية والوطنية وأهمية التعليم ومحبة المعرفة ومحبة البشرية بتنوعها ودفن كل الأحكام المسبقة وتطوير القدرات الروحانية والفكرية والمساهمة في بناء المجتمع. أومن بأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يضمن مجتمعا أفضل؛

16- الإيمان باحترام عادات وتقاليد المجتمع لتفادي الاصطدام الثقافي واعتبارها من زينة وثروات الوطن؛

17- التأمل والدعاء لخير المجتمع والوطن وأن الوازع الروحي أساسي لازدهار الإنسانية، لأن هذا التأمل يؤلف روحانيا بين الفرد ومجتمعه "أنا هو المجتمع والمجتمع هو أنا"؛

بطبيعة الحال، سيعلق القارئ بأن كل ما ورد أعلاه ليس بجديد؛ وهو هدف كل المغاربة والديانات الأخرى... وردّي عليه بأن تعليقه صحيح 100%، وهذا دليل على أن الأعمال هي أهم شيء وأن التعايش بيننا مهما تنوعنا يبدو أمرا بدهيا ولا بد منه لتحقيق السلم والسلام.