رأي

عادل بنحمزة: تهييج الناس والاستثمار في جهلهم ودعوتهم للعصيان أمر غير مقبول

تابعنا مشاهد صادمة من طنجة وتطوان ملخصها تمرد واضح على حالة الطوارئ الصحية، لا يتعلق الأمر بتعنت شخص أو ثلاثة أشخاص بل بمسيرات تجوب الأحياء، أصحابها يعتقدون أن التكبير والابتهال إلى الله كاف، وأن الحياة يجب أن تستمر بصورة عادية.
أولا: يجب التأكيد على مسألة جوهرية، وهي حرية الناس في اختيار الأساليب والطرق التي تمكنهم من النجاة ويعتقدون بأنها فعالة، غير أن اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى لا يهم فئة دون أخرى فالأغلبية الساحقة من المغاربة تؤمن بالله وتلجأ إليه سرا وعلانية في أبسط الأمور فما بالك بهذه الجائحة التي تضرب بلدنا والعالم، لكن هناك شيء إسمه النظام العام والقانون، وهو مفروض على الجميع مؤمنين وغير مؤمنين مادام الإيمان لا يمنح امتيازا عند الحديث عن المواطنة.
ثانيا: اللجوء إلى الله ليس تخلفا غير أنه في نفس الوقت ليس عنوانا لفرقة ناجية من هذا الوباء، ولكن تهييج الناس والاستثمار في جهلهم ودعوتهم للعصيان، أمر غير مقبول ويجب أن يواجه بأقصى درجات الحزم وإلا فإن حبات سبحة هذا الوطن ستكر…
ثالثا: أول أمس قلت بأنني كنت أفضل إعلان حالة الحصار، بدل اختبار حلول قد لا تسعفنا سرعة انتشار المرض تطبيقها على الأرض، وما حدث في طنجة وتطوان ليلة أمس وفي الساعات الأولى من صباح يومه الأحد، يكشف أن التكلفة ستكون كبيرة إذا استمر التردد.
رابعا: كلنا أمل في الله ومن خلاله العلم والعلماء في أن يتوفقوا في إيجاد اللقاح والدواء لهذا المرض الخطير، وإذا كان من درس لنا من خلال هذا الوباء، هو تأمل منظرنا العاجز في هذه المنطقة من العالم وعيوننا شاخصة إتجاه المشرق والمغرب(بمنطق الجغرافيا) لعل الأخبار تأتينا بفتح علمي مبين.
خامسا: الإيمان بالله ليس ماركة مسجلة يحتكرها البعض، وليس رميا بالجهل والتخلف، أتذكر برهان غليون عندما كان يرأس المجلس الوطني السوري كتجمع لمعارضة بشار الأسد في بدايات الثورة السورية، أنه سئل ذات يوم من قبل أحد الصحافيين من كون الثورة هي صنيعة الإسلام السياسي و دليله في ذلك رفع الشعارات الدينية في المسيرات التي كانت تعرفها المدن السورية، فكان جواب برهان غليون فيما أذكر ما معناه، أن الناس يحملون قلوبهم في أيديهم وهم في لحظة ضعف في مواجهة المجهول، لذلك يلجؤون إلى إيمانهم كجدار دفاع لا يختلف في ذلك الإخوان عن اليسار عن اليمين، الناس عادة في لحظات الضعف الإنساني تستنجد بالغيب، سواء كان دينا سماويا أو غيره.
* برلماني سابق