رأي

خديجة الزومي: "تبا لأي حساب خارج حساب الوطن"

قالت لي صاحبتي وهي تحاورني. لمَ لا تكتبين ما تفكرين فيه ! انها مناسبة لإعادة العلاقة مع الحرف الذي تعشقينه، فتوسطتكما جفوة  اتسعت في زخم الأحداث، التي لا نملك إلا أن نسايرها ونعيش وطيسها بمرها وحلوها ابتعدت عنه. واستطردت قائلة  الم تقرئي ما كتبه عبد الله بوصوف حيث قارن بين ما اكد عليه لفتيت أمس" أنه لم يكن المغاربة في أمَسّ الحاجة بعضهم لبعض، كما هو الحال اليوم، وان الجميع في نفس السفينة فاما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا" . وكتب مقالا طريفا يخيرنا بين سفينة نوح التي نجت وسفينة تيطانيك التي غرقت .. خيال جميل وانا اقرا كنت أردد في صدري مخاطبة كاتب المقال: يا اخي أن سفينة لفتيت تختلف عن السفينتين معا ... سفينة من نوع ثالت ، تختلف رغم أن الأسْيِقة تتشابه ، والاستعارة جائزة ... أن  سفينته اليوم  لم نستعد لها ، ولم نستدع لها كما دعا نوح قومه . لا سرا ولا جِهارا ، ولو اننا نعلم علم اليقين انه كان لزاما علينا أن لا نقطع ولا نبتعد عن  الإستغفارَ،  بعدما شحت السماء وانقطعت الأمطار، وعلا صوت  العبث على الصواب وصوت الرعاع على  صوت العلماء .  سفينة نوح هي  للنجاة والفرار إلى رب العباد ، افلتتهم من  شايب العذاب . ففروا اليه لينجيهم ، فإليه كان الفرار واليه دوما الملاذ. في سفينتنا  لم نستشر يا اخي .  و كذلك لم نشتر تذكرة رحلة على سفينة باذخة كتلك التي رأينا في تيطانيك  ، نلهو على متنها ونأكل ونشرب ونرقص .. نعيش صراعا طبقيا  كبيرا تنحدر فيه الماديات. وينتصر فيه الحب بشكل خيالي لا يقبله العقل. فكل من شاهد فصول فيلم تيطانيك لم ينتبه لفضاعة الموت وبطشه . ولم يتساءل   كم خلف الحادث المريع من ضحية.. أخذها الموت اخذة غادرة... الكل تابع موت البطل المفعم بالرومانسية ، مات بشكل جعل الكل يبكي ويمسح دموعه ليس لأنه مات بل لأنه تركها وحيدة .. وفي قرارة نفسه كان يجب أن يبقى ليعيش إلى جانب البطلة. و الكل لم يعر أي إهتمام   إلى شراسة الموت الذي كان يحصد بالمئات دفعة واحدة. الموت يُزف إلى الناس والموسيقى ترتفع في حضرته... بصورة مجازفة ..الموت بلا نحيب ولا  خوف ولاالم ...موت على إيقاع  الموسيقى... موت  مبتل في ليلة باردة...بطعم الحب وانتصار الفقر والتضحية على البرجوازية الانتهازية الاي صورت خطيب البطل وهو يتسسل برشوة إلى النجاة  .
اما السفينة التي تحدث عنها لتفتيت بمرارة.. ونبرة عميقة مؤثرة ... من نوع ثانٍ... تحمل تناقضات صارخة ، أفكار متباعدة إلى حد التنافر. ركبناها على حين غرة، رغم أننا كنا داخلها ، لم نفكر فيها ابدا ... لا أحد منا  تخيل الفيروس سيجمعنا داخلها بحميمية اكبر ، ومنا من يملك الوان جوازات لا تشبه جوازنا  ، منا من لم يتخيل ابدا  انه سيركب معنا في احتمال ما في هذه السفينة ... ومنا يظن أنه قادر أن يشتري لقاحا لأي مرض بما أوتيت يمينه... ومنا  من يظن أنه يمكن أن يعالَج عند مفككي الطلاسم... ومنا من يظن إلى حد اليقين أن الفيروس لا يصيب الا الفقراء الذين لا يتفنّنون ولا يبْرعُون في طرق التنظيف. ولا يستطيعون أن يتمتعوا ببذخ الحمامات والبخار المعطر .. واكسسوارات  الروائح التي تسكر أكثر مما يسكر العنب...وتجعل الفضاء رِواقًا  خياليا تعجز عنه أشكال الوصف.
 منا من يرفض الآخر، منا من ينفث حقدا...فينصب نفسه قاضيا جبارا  يوزع المحاكمات اللاعادلة عن يمينه وعن يساره  أكثرها بالاعدام.. يبيح من خلالها دماء الأعراض والانساب . ويلوكُ عَلك اللامبالاة بشكل هستيري يتطاير منه رذاذٌ نَتن ٌ يحمل عدوى أخطر من الفيروس طرونا بكل أسف .
سفينتنا  يمكن أن تكون ناجية ليس بنباهتنا  المُتجاوزَة ، ولا بِعتادنا المهترئ ، ولا بذكائنا العادي... فقط بأن نثق باولي أمرنا . والا نجعل من كل منا عالما في البكتيريا، ولا قسما للأخبار الرسمية في إصدار التوجيهات... بالتزامنا ببيوتنا، يمكن أن نخرج سالمين نحن والسفينة على حد سواء او باقل تكلفة.
سنخرج منها سالمين  لو استثمرنا الان في كل شيء جميل في دواخلنا، لو عزمنا جميعا على نشر الطاقة الإيجابية حولنا... وما أحوجنا إليها . لو  ابتعدنا عن ركاكة السلبية وصدأ الانتقادات غير المبررة. حيث لا نجد أي عمل يجتمع عليه الجميع. مرضنا بوباء "ولكن" تبا لهذا الاستدراك وكان النحاة وضعوه ليعري  سوءة كل عمل وكل إنجاز، وهو يذكرني بالمناسبة بتقارير مفتشي التعليم  في الزمن الجميل .
نحن في سفينة استطاعت أن تسترعي انتباه الآخرين، ولكننا نحن لا نرضى بما تقدمه من تضحيات. هناك من لا يفوت الفرصة ولينتقد حتى أشكال التضامن!! وأشكال التبرع!! فعلا صوت الغربان بنذيرها، و نحن نهفو لصوت الكناري.. ونهفو لجمال الربيع .. ولا نريد وأد ازهار اذار التي قطعنا معها عهدا منذ الأزل  على التغني معا على إيقاع المحبة ، ونعقد قِرانَنا في هيكل الحب الذي تفنن في وصفه العلماء ،والأدباء ،والشعراء، والمحبون والمتصوفة..
سفينة لتفتيت يعلوها بخور التضامن الذي يجب أن يرتفع بكثافة أكثر ويعلوها ضجيج في بعض الجوانب يجب أن يندثر. ونصبو أن  يعلوها الهدوء لا الصمت . ويغلفها الاطمئنان لا  التوجٌس .... نحس بدعوات صادقة تتصاعد من بعض جنباتها، ونسمع بطقوس صلوات تعلو جنبات أخرى... لا يبقى لنا إلا أن نحسن الظن بالناس وبالله. فلا أحد يرد قضاء الله الا الله . وسفينتتا تحتاج للمحبة والاحترام وإعادة صياغة الأسئلة كل واحد.مع نفسه .والتزام الجميع بتعليمات الربان. ولا حاجة لنا بأي خطاب الا خطاب المحبة ورسائل الود .وتبا لأي حساب خارج حساب الوطن .