مجتمع وحوداث

الوطن ينادينا... للمغرب حق..

البصير الخلدوني

أمام جائحة الفيروس التاجي ، تساوت الدول بين كبيرها و صغيرها و بين عظيمها و فقيرها ... الجميع وقف عاجزا في مواجهة وباء " كوفيد 19" ، بالكاد يرى بالميكروسكوب... لم تجد دول العالم بدا و لا لها خيارا سوى العزل الصحي المنزلي من ناحية و التكافل الاجتماعي من ناحية أخرى ،كما توصلت إليه الصين الشعبية،
ارتفع صوت الوطن عاليا فوق كل الأصوات ... إما البقاء أو الفناء ... ظهرت بعض الأيدي البيضاء بينما اختفت أخرى رغم ساحة الوغى مازالت في بدايتها ... فرض هذا الوباء علينا ثلاث قيم أساسية : الإلتزام ، التضامن و الشفافية في التعامل مع الوباء.،
يا أخي ، الوطن ليس لفلان و لا لعلتان و لا لابن علتان .الوطن في ساعة الحقيقة لا يقبل القسمة و لا يقبل التزلف بقصيدة شعرية أو مقالة صحفية أو شعار منمق . الوطن شبيه بالأم و المواطن كالابن البار . الأم تسهر الليالي لينام رضيعها ،تجوع و تتعب ، تقف و تجلس ، تنام و تستيقظ ... لكن ثديها دوما في جهوزية . كذلك الوطن سخي بلا حساب ، عطوف بلا حدود و بصدق و سخاء ، يعطى بلا حساب ... عند الشرقاء تعرف قيمة الأوطان في كل زمان ،آخرون لا يعرفون قيمته، إلا بعد فقدانه. أما الجبناء من كانزي المال والذهب .. فلا يرون في الوطن سوى جمع و خزن المال و تكديسه ...
الوطن يسكن فينا عشقا و حبا ... الوطن ناموس الخائف و الجبان و الهارب . أليس "حب الأوطان من الإيمان" .
يا أخي ،المغرب هو كل القلب، و كل العقل،،، لا بل كل أعضاء الجسد السوي ، هو اليوم أمام محنة البقاء ،عزيزا ، قويا ، غزير العطاء ، فلا تبخل عليه بمالك و لا بفكرك، و بالنفس إذا اقتضى الأمر، هذه الحرب العشواء لم توقر أحدا منا . فلا مجال للبخل و لا للتراجع إلى الوراء . هذه الحرب فرضت على الجميع الإنصات بتمعن لنداء الوطن . المغرب يستصرخ الشرفاء من أبنائه.. قبل فوات فرصة الظفر بجائزة الوطن الكبرى ..
أين أنتم يا أصحاب الأموال و الثروات الهائلة، و أين أنتم يا من كنتم تملئون الفضاءات و الساحات و الشاشات ، أين اختفى ماء وجوهكم  :
ماذا لو تبرعت الأبناك و المصارف المنتشرة بربوع الوطن بجزء من أرباحها لفترة من الزمن لفائدة الوطن ، و هي قد جنت أرباحا على مدى عقود و سنين ؛
ماذا لو تقدمت الشركات على مختلف أنواعها للتضحية لأجل الوطن و وضعت جزءا من أرباحها في صندوق "كورونا" ؛
لو أن أصحاب المليارات تفضلوا بتقديم جزء من ثرواتهم للمساهمة في إنقاذ البلاد و العباد و ليتذكروا كم كانوا يصرفون على أعراس أبنائهم من أموال خيالية  أليس الوطن بعزيز؟؛  
أين أنتم أيها المقاولون ، هل تناسيتم مضارباتكم للصفقات الشرعية و غير الشرعية ... اليوم الوطن يناديكم ، قد ينادي فيكم ضمائركم قبل أموالكم ...
أما أنتم يا أصحاب الفضاءات و المساحات الكبرى التجارية ، هلا تبرعتم بأقساط من أرباحكم أو خصصتم قفف لذوي الحاجة خلال أوقات معينة من الأسبوع ... أما أنتم يا أيها التجار عليكم واجب إغلاق الباب أمام تجار الجشع برحمة المستهلك الواقع بين الحجر المنزلي و شح الجيب ...
ليس هؤلاء وحدهم بل هناك غبرهم الكثير من الذين أصموا الأذان عن نداء المغرب ، و ليس من مهمتي حصر قائمة للناس و الكيانات ، و إنما " يا للرجال ذوي الألباب من نفر" كما يقال...
كثير من الجهات تتحدث اليوم عن زمن ما بعد الكورونا ، بأن، تشكيلات و تنظيمات سوف تتغير و دول ستتفكك ... نعم ، عالم جديد سيتشكل ...كل شيء وارد بعد إعلان النقد الدولي بحالة الركود ، لاشك بعدها انكماش ، و أي انكماش ..؟
 أيها الجبناء من أصحاب الأموال ، لا تذهبوا بعيدا عن وطنكم الذي له حق علينا جميعا ، قد تستفيقون يوما لتجدوا أن خزائنكم المالية و النقدية ، قد تحولت إلى أوراق بلا قيمة في السوق ... الفوز بالوطن فيه كرامتكم .
لقد انتهى نموذج الكثرة و فوق الرفاهية و فوق الإثراء ... لم يعد مقبولا التوحش في الشبع و الثروة حتى التخمة... كونك إنسان عليك منذ الآن و حتى ما بعد كورونا ،عليك أن تعرف بأنك جزء لا يتجزأ من كل هذا البشر ، بل أنك جزء صغير في وطنك . قلب وطنك كبير و حبه لا حدود له .