قضايا

إنهم يكذّبون...

إدريس شكري

كذّب رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني  "مزاعم" بالتدخل في القضاء.

وكذبت النائبة البرلمانية، أمينة ماء العينين، أن تكون تدخلت لفائدة تمتيع شقيقتها بالسراح المؤقت، بعد ما لم تكتف بخرق حالة الطوارئ الصحية، بل تمادت في غيها وتعمدت إهانة فرد من القوات المساعدة، من قبل ومن بعد: عندما واجهته بالسب والشتم لمجرد أنه  ينهض بمهامه في الحرص على تطبيق حالة الطوارئ، وعندما توعدت بتعريضه لأوخم العواقب، في مكالمة متداولة على تطبيق التراسل الفوري "واتساب".

و لاذ بنكيران بالصمت، ولم يرد، رغم أن اسمه ورد في تلك "المحادثة".

لكن لا أحد كذب مصدر تلك المكالمة، و هو ما يمنحنا اليقين أنها صادرة بالفعل عن شقيقة النائبة ماء العينين، و بالتالي يجعل مضمونها لا يرقى إليه  الشك.

و في هذه الحالة، فإن أحد الأطراف، ليس كاذبا وإنما كذّاب ( وليس الكاذب كالكذاب): فإما أن العثماني تدخل بالفعل وأنكر  وإما أن أمينة ماء العينين تدخلت وأنكرت وإما أن شقيقتها تكذب.

في كل الحالات، فإن الحدث يفرض نفسه، ولا يحتاج إلى أن يُطلى بخلفية سياسية أو بممارسة نوع من الشغب أو حتى الضجيج الذي أحدثه تلك الصور التي لم تكن مفبركة في باريس.

فلا أحد يناقش القضاء في تمتيع فلان أو علان بالسراح المؤقت، مادام القاضي يحتكم إلى النصوص القانونية الجاري بها العمل، ويحتكم أيضا إلى سلطة تقديرية، يمليها عليه ضميره، و لو كنت مكان ممثل الحق العام لمنحتها السراح المؤقت، أيضا، لأن مهمة القضاء ليس الإلقاء بالناس في غياهب السجون، و إنما حماية المجتمع وصيانة القانون، و الكفالة تكفي، في انتظار أن تجبر خاطر ذلك الشخص الذي أهانته، وتحضر معها تنازلا إلى الجلسة.

إننا لا نريد ـ ويشهد الله على ذلك ـ أن تدخل امرأة أي امرأة للسجن، في إطار الاعتقال الاحتياطي أو بمقتضى حكم قضائي، لما يكلفه ذلك من ثمن، نحن في غنى عن دفعه من حريتنا، التي حرمتنا منها جائحة "كورنا".

و كان أولى بالسيدة ماء العينين أن تصمت عوض أن  تخرج أظافرها، وذلك حفاظا على جمال يديها، بعد أن أغلقت محلات التجميل، لأن المنطق، في هذه الحالة، لا يقتضي النفي أو التكذيب مادامت شقيقتها شاهدة على ذلك.