قضايا

بلاغة الرد... مندوبية السجون تلقن أمنيستي درسا في الدفاع عن حقوق الإنسان

عبد العزيز المنيعي

كأي رد سابق، تمت صياغته بعناية ودقة وبتفاصيل وحجج ودلائل دامغة، تم تعميم بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الثلاثاء، ردا على فرع المغرب لمنظمة العفو الدولية.
لكن هذه المرة غادرت المندوبية صياغاتها السابقة بالتركيز على المعنى قبل المبنى، والتركيز على المضمون قبل دحض الإدعاءات، والخروج بنتيجة واحدة وهي درس قيم تلقته الأمنيستي في أصول الدفاع عن حقوق الإنسنان.
المندوبية كمؤسسة وطنية مواطنة، تشرف على قطاع هام جدا وهو قطاع السجون، أكدت انها مؤسسة اولا وقبل كل شيء، إنسانية تراعي الإنسان كما تراعي القوانين الضامنة لحقه، وتطبيق الإجراءات بالصرامة نفسها والحزم نفسه على جميع السجناء هو من باب حماية كرامة الجميع وقبل كل شيء من باب أن تجعل السجن فترة مراجعة للسجين وليس فترة عقاب مجاني من أجل العقاب فقط.
ما علينا لنبقى في الرد البليغ الذي أفحمت به مندوبية السجون امنيستي، التي نسيت انها منظمة دولية تدافع عن حقوق كل الناس وليس فئة معينة لأغراض وأهداف وأجندات معينة.
وكان قاسيا جدا أن تتلقى منظمة بحجم أمنيستي درسا في مبادئها التي من اجلها أسسست أو التي من اجلها أسسها المناضلون الحقيقيون الذين هزت الغيرة على الإنسان قبل الحسابات السياسية الجانبية.
كان قاسيا أن تدخل أمنيستي فصلا دراسيا يعلمها أبجديات حماية حقوق الإنسان دون الوقوع في شرك الأهداف الخفية، أو على الأقل تغليفها بما يبعد الشبهة عن مولاة جانب دون الأخر.
بإختصار شديد، أمنيستي طالبت مرة أخرى بإطلاق سراح سجناء احداث الحسيمة دون غيرهم بسبب وباء فيروس كورونا حسب زعمها طبعا، لكن مندوبية السجون كانت بالمرصاد لهذه المحاولة البئيسة وأكدت هذه المنظمة "كشفت عن وجهها الحقيقي."
وزادت المندوبية قائلة إن "هذا الموقف المخالف للمواثيق الدولية جاء من منظمة تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، علما أن جوهر هذه الحقوق هو الدفاع عن الإنسان بغض النظر عن انتمائه القومي والجغرافي والديني."
هذا اول حرف في جملة الدفاع عن حقوق الإنسان، الإبتعاد عن كل ما من شأنه خلق الميز بين البشر سواء كان قوميا أو جغرافيا او دينيا، ويبدو أن "زلقتها" أصابتها بإرتجاج في مبادئها بعد هذه السقطة المؤلمة..
ولم تكتف المندوبية في ردها البليغ بذلك، بل أكدت أن أمنيستي، "إذ تغافلت أو تجاهلت المرجعية الحقوقية الكونية لحقوق الإنسان، فإنه يتضح أن الاعتبارات التي دفعتها إلى ارتكاب هذه الخطيئة هي اعتبارات لا تمت إلى حقوق الإنسان بصلة، بل سخرت فيها صفتها كمنظمة حقوقية من أجل خدمة أجندات أخرى."
نحن أمام لحظة تكوينية حقيقية من مؤسسة وطنية، اعطت درسا إنسانيا في محاولة لإعادة هذه المنظمة إلى جادة الصواب، والحقيقة أنه لن تعود ما دام فيها من يريد السير بمحاذات المصالح والمغانم والمكاسب على ظهر الإنسان وحقوقه..