رأي

عبده حقي: تسونامي الأخبار المضللة وعلاقة 5G بكوفيد 19

من بين التسونامي الأخبار المضللة حول وباء كوفيد 19 هناك واحدة من أكثر نظريات المؤامرة المتكررة التي ربطت جائحة كورونا بنشر الجيل الخامس للاتصالات 5G  وهي تقنية للهاتف المحمول التي تم رفضها بالفعل من طرف الملايين من السكان.
تزعم عديد من السجالات في الشبكات الاجتماعية وفضاءات الحجر الصحي أن هناك علاقات خفية بين نشر شبكات 5G  والفيروس التاجي الجديد. وكل ما يحدث اليوم ليس سوى جزءًا من "مؤامرة القرن" الكبرى".
تشير بعض الآراء إلى أن جائحة كوفيد 19  قد استعملت لتغطية المخاطر الصحية التي تسببها شبكة 5G  وأن التكنولوجيا نفسها هي التي تضعف جهاز المناعة البشري. ويشير رأي آخر في نفس النظرية وهو رأي يتماشى مع العصر كثيرا وتم تعزيزه عن طريق فيديو "فيروسي" إلى أن كل انتشار جديد للتكنولوجيات الجديدة عبر التاريخ أدى إلى انتشار أحد الأوبئة.
هذا ليس سوى القليل من العديد من النظريات المتداولة والنظريات التي يعتبر الخبراء بكل وضوح أن لا أساس من الصحة.
فقد تم تضخيم المناقشات من قبل بعض المشاهير مثل الممثل الأمريكي وودي هارلسون الذي نشر منشورًا على أنستغرام  يربط فيه بين 5G  ووباء كوفيد 19 أو مثل نجم التلفزيون البريطاني جاسون جارديني الذي قال أن منظمة الصحة العالمية قد حذرت من شبكة الهاتف النقال الذي يسبب المرض. في الولايات المتحدة أبرزت شخصيات مثل كالوم بيست وكيري هيلسون صحة هذه النظريات.
ما هو الجيل الخامس5G ؟
هي شبكة هاتف محمول تم نشرها في عام 2019 لزيادة سرعة الإنترنت وسعة الاتصال بالهاتف الخلوي.
يمكن هذا الجيل الخامس المستهلك من معايير في الهاتف المحمول تساعد على معالجة حجم أكبر من البيانات بشكل أسرع من سابقيه 3G  و4G.
لماذا يشاع أن 5G  مضر بالصحة؟
قبل اندلاع جائحة كوفيد 19 كانت الآثار التي يمكن أن يحدثها 5G  على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي بسبب هذه الترددات العالية ونوع الإشعاع الذي تنبعث منها (موجات المليمتر) قد أشار إليها بالفعل الكثير من المهتمين.
ولكن منذ ظهور وباء كورونا ربطت كثير من الآراء الجيل الخامس بالفيروس التاجي الجديد وادعى البعض أنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم انتشار المرض بسبب تواتره أو إلى إتلاف جهاز المناعة.
كما ادعى آخرون أن الفيروس يستخدم في الواقع لإخفاء الآثار الخطيرة لهذا المحمول المعياري الجديد.
إذن يبقى السؤال الأساسي هو هل 5G  مرتبط بالفيروس التاجي؟
باختصار الجواب لا.
صحيح أنه على المستوى التاريخي فقد تزامن نشر التكنولوجيا مع الأوبئة وأن وضع الأزمة الراهنة منع من انتشار الجيل الجديد للاتصالات . هذا كل ما في الأمر.
ووهان ومدريد ونيويورك وميلانو المدن التجريبية ؟
ويشير آخرون إلى أن كلا مدن ووهان ومدريد ونيويورك وميلانو كانت من بين أكثر المدن تأثراً بكوفيد 19 وهي مواقع تجريبية لنشر 5G.  ورغم ذلك فإن أكثر الدول انتشارًا للفيروس هي كوريا الجنوبية التي لديها خمسة ملايين مشترك مع شبكة تعمل بكامل طاقتها. ورغم ذلك فقد مات في كوريا الجنوبية 186 شخصًا فقط وأصيب 10284 وهذه أرقام بعيدًة جدا عن الأرقام الفلكية للميزانيات العمومية في أوروبا أو الولايات المتحدة. يرجع الوضع الكوري إلى سياسة صارمة في عمليات الفحص الشامل الإلكترونية والاختبار السكاني المنتظم.
سلاح أمريكي يستخدم نفس موجات الجيل الخامس؟
يستخدم الجيش الأمريكي فعليًا موجات مليمتر 95 غيغاهرت أعلى مستوى متوقع لـ 5G  في "مدفعية " - تستخدم في السيطرة على الحشود والمظاهرات الجماهيرية - والتي تسبب إحساسًا حارقًا عبر الموجات الدقيقة. هذه التشابهات في الإيذاء الجسدي تعزز شكوك العديد من المواطنين. وإذا كان نظام أسلحة الطاقة غير الفتاكة يستخدم عاكسًا لتركيز الموجات فمن دون شك ستعمل هوائيات التتابع 5G  على العكس من ذلك على نشر هذه الطاقة على الرغم من أن نوع الموجة المستخدمة في 5G  يتطلب تثبيت المزيد هوائيات فقط ل 4 G و 3 G.
اعتبرت اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين (ionisants ) (ICNIRP) 5G  أن الوضع آمنا . وان نشر 5G  يقوم على مكون جيوسياسي يقع في قلب النزاعات بين القوتين العظميين العالميتين الولايات المتحدة والصين (التي تعزز أيضًا بعض نظريات المؤامرة).
هل الموجات الكهرومغناطيسية تنشر الأوبئة؟
دحضت العديد من وسائل الإعلام المتخصصة في الأخبار النظرية الأكثر شيوعًا التي تم نشرها بواسطة فيديو فيروسي اعتمد على الفيلسوف رودولف شتاينر. على سبيل المثال على الرغم من أن الفيديو قد ربط موجات الراديو بوباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 تجدر الإشارة إلى أن أول عمليات البث الإذاعي التجاري لم تخترع إلا في عام 1920.
أما بالنسبة للنظرية القائلة بأن الفيروسات يتم اختراعها من إفراز خلية مصابة فإن علماء الفيروسات رفضوا على الفور هذه الادعاءات وذكروا أن الفيروسات جزءً من التنوع البيولوجي منذ الأزل.
هل يعتبر الجيل الخامس خطرًا على صحة الإنسان؟
تنبعث الموجات الكهرومغناطيسية من الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يمكن أن يتسبب في الإصابة بالسرطان على تردد عالٍ.
إن الترددات المنخفضة مثل 5G  تنتج شكلاً من الإشعاع غير المؤين (ionisants ) الذي لن يكون قادرًا على اختراق الخلايا وإتلافها. إن السلاح الأمريكي لا يسبب سوى إحساسًا سطحيًا بالحرق يختفي عند إيقاف تشغيل الجهاز أو عندما يتحرك الهدف بعيدًا عن موقع التركيز.
قد تكون ترددات 5G  أعلى من شبكات 4G  والشبكات السابقة لكنها لا تزال أقل بكثير من الحدود المنصوص عليها في التوجيهات الدولية.
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية التي تعتمد إرشادات مفصلة لشبكة الهاتف المحمول أنه "لم يتم ربط أي آثار صحية ضارة بالتعرض للتقنيات اللاسلكية" اعتمادا على "الكثير من الأبحاث "
*نشر على موقع يورونيوز بتاريخ 10 أبريل 2020 ترجمة عبده حقي