تحليل

هل من صحوة لانقاذ المشروع المجتمعي لحزب الاصالة والمعاصرة؟

سليمة فراجي
هل من صحوة لانقاذ المشروع المجتمعي لحزب الاصالة والمعاصرة  ؟
لا نجادل في كون اختلاف وجهات النظر لا يعتبر منقصة او مدعاة للتشفي من طرف باقي الاحزاب التي تعرف بدورها نكوصا وركودا ولا معنى ،هذا اللامعنى الذي كشف عنه تفشي وباء كورونا واعلان حالة الطوارئ الصحية 
.
صحيح ان الاختلاف والطموح الجارف للبعض  قد يؤدي الى أزمات صعبة الانفراج ، وان الازمات ان لم تكن قاتلة ومؤدية الى الموت الزؤام او الموت البطيء ، تكون مقوية ومدعاة لرفع التحديات ، لان الازمات تلد الهمم ، لكن عندما نفتقد الى سياسيين من الطراز الرفيع ، و تكون السياسة مهنة من لا مهنة له ، وملاذا لكل من ادعى مسارات حقوقية نضالية مزيفة ، ويكون الرقص على أشلاء المواطن هو السائد من طرف كائنات غريبة تدعي إتقان البوليميك السياسي والخطابات الجوفاء وتعظيم البعض عن طريق الأقلام المأجورة ، في الوقت الذي اثبت سقوط الاقنعة انها تقاتل وتستقتل وتمكر وتنسج الخطط رغبة في الصمود واعتلاء الكراسي والمزيد من حصد المنافع والمكتسبات ، انذاك نصاب بالاحباط وندرك ان الإرادة الجماعية لمناضلي الحزب من جميع الجهات وبانخراط مختلف الاطياف هي وحدها القمينة بايقاف النزيف وإبعاد شبح تفجير الحزب وهياكله وشرعيته او تشتيته وبيعه في سوق النخاسة  للحصول على منافع شخصية وطموحات استوزارية .او التفكير في عملية قيصرية تستخرج منه مولودا قد يكون مشوها نظرا لكون ظروف البلاد لا تسمح بالعبث في ظل تداعيات ازمة كورونا ، وان الظرفية الحالية تقتضي اليقظة والحذر لضخ الاكسيجين وانعاش الاقتصاد الوطني وتدبير مخلفات الوباء تحت اشراف الدولة الوطنية والاحزاب المواطنة المنتصرة للمصلحة العامة ، اذ لا يحلم بالمناصب وارضاء الطموحات في زمن الجراح المفتوحة ومواجهة الدولة والحكومة و مختلف الفئات لتداعيات خانقة الا من يعيش في كوكب اخر او انعدم لديه الحس الوطني التضامني 
اذا تشبت المناضلون بمشروع الحزب بعيدا عن الشخصنة وفي الوقت نفسه التحم المؤسسون بالملتحقين ،ويكون المعيار هو الجدية والانتصار للمصلحة العامة ، فان الحروب الوسخة مهما تعددت اساليبها القتالية ومهما استعملت الأسلحة الثقيلة الظاهرة والخفية فانها لن تتمكن من تدمير العزائم والهمم ،وكل من اقتنع بكون العمل السياسي هو انخراط إرادي مسؤول هدفه بالأساس خدمة الشأن المحلي والجهوي والوطني ، والارتقاء به يعني بالأساس تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة في اطار الاحترام المتبادل، والتقيد بالقوانين والأنظمة، والقطيعة مع مرحلة تقديس الزعيم والشخصنة والاغتناء اللامشروع وقضاء المصالح الخاصة ، وعوض ذلك الانتصار لأبجديات الحداثة والديموقراطية والفكر المتنور الراجح والايديولوجية التي سطرها مؤسسون من اجل مغرب القيم والمبادئ، ومجتمع ديموقراطي منفتح يضمن التنمية والعدالة الاجتماعية والجمالية ، ويصون كرامة الانسان ،علما ان الصراعات الشخصية و السباق المحموم نحو الكراسي والتصدي ولو بالعنف  والحيل  لكل من حاول الاقتراب منها ،يجعل المواطن يستنتج انه خارج اي مشروع يعنى به وما في ذلك الا إثبات واقعة الاستماتة من اجل قضاء المصالح الخاصة، الشيء الذي يؤجج الاحتقان ويذكي نار الحقد والضغينة ويدفع المواطن الى تبخيس كل ما له علاقة بالعمل السياسي والحزبي وما يستتبع ذلك من عزوف وتصويت عقابي في المحطات المقبلة ،
صحيح ان الحزب اصبح كالجمعية السرية كما قال برنارد شو، عن الزواج ، الخارج عنها لا يعلم عنها شيئا والداخل فيها لا يقول عنها شيئا ، في ظل دستور يخول حق الوصول الى المعلومة خير دليل على ذلك عدم نشر اسماء اعضاء المجلس الوطني وعدم المصادقة عليهم من طرف لجنة القوانين و التحكيم، واغتنام فرصة حالة الطوارئ من اجل سلوك مسطرة التعيين بدل الانتخاب الذي وحده يصون ديموقراطية الحزب المنصوص عليها في القانون الاساسي للحزب ، واتخاذ قرارات من طرف مكتب سياسي لم ينتخب بعد وبالتالي هو في حكم العدم ناهيك عن مختلف الخروقات التي سيتصدى لها برلمان الحزب ولكن هذا لا يعني ان يصبح في مهب الريح وضحية المكائد والتبخيس 
واذا كانت الاحزاب تساهم في بناء الأنظمة الديموقراطية ، بل تعتبر ضامنا رئيسيا لتعميق وتقوية الديموقراطية ، فهل يعقل في ظل دستور قيل عنه انه ثوري في مجال الحقوق والحريات وفصل السلط ان نفترض ان تتخلى الاحزاب عن دورها المنصوص عليه في الدستور ويعمد القائمون عليها الى تبخيس القانون عن طريق خرقه ومصادرته لفائدة التعليمات والتوجيهات واجهزة التحكم عن بعد والانتصار للتحالفات الهجينة دونما اكتراث بالمرجعية السياسية الفكرية لكل حزب والتضحية بمشاريع مجتمعية ناضل في سبيلها المناضلون ومختلف الرجالات من قامات سياسية فكرية وكفاءات عالية ؟ 
أكيد ان الضمائر الحية لن ترضى بتلك الممارسات لان الازمات تولد الصحوة والهمم 
ولعل جروح الكبار بلسع النار تلتئم !