قضايا

تنظيم الوقت.. لماذا وكيف؟

صوفيا رمياني

في عالم متسارع، يشعر الكثيرون بأن ساعات اليوم الأربعة والعشرين لا تكفيهم. ثمة إحساس، يكاد يكون عامّا، بأن الوقت بات يضيق أكثر فأكثر. ومع تزايد الانشغالات اليومية، ومسؤوليات الأسرة والعمل، تتزايد حدّة الإحساس بضيق الوقت، ويعيش المرء يومَه مدركا أن ساعاته تقصر عن الوفاء بكل المهام والمشاغل.

والحقيقة أن الجواب الجاهز الذي تردده الألسنة في وضع كهذا لا يعدو أن يكون العبارة السحرية "تنظيم الوقت" ! لكن المشكلة تكمن في الكيفيات وفي تنزيل هذه المقولة في واقع الحياة اليومية، ما يدفع الكثير من الناس إلى تجريب العديد من الوصفات المتداولة، من قبيل تحديد البرنامج اليومي والأولويات وفرز الأنشطة اليومية المستعجلة من تلك التي لا تكتسي أهمية راهنة.

لكن هذه المحاولات الحثيثة التي يسعى كثيرون من ورائها إلى تنظيم أوقاتهم تصطدم، في الكثير من الأحيان، بالعادات اليومية الراسخة التي تلتهم الأوقات. وهكذا، يشعر المرء بأن الوقت يجري دون أن يسع كل ما ينبغي القيام به في الساعات الأربع والعشرين من كل يوم. ومن تلك العادات السيئة: عدم احترام المواعيد، مع ما تعنيه من تضييع لساعات ثمينة من عمر اليوم.

والواقع أن تنظيم الوقت ثقافة، قبل أن يكون تدبيرا إجرائيا. فما لم نعش اليوم باعتباره الوعاء الزمني الذي نعيش فيه والرصيد الذي ننفق منه، فإننا سنظل نراوح مكاننا في سعي متواصل إلى اللحاق بالزمن المتسارع، لأن الإحساس بقيمة وأهمية الوقت هو ما يدفعنا إلى الحرص على عدم تضييعه والتفريط فيه.

والوقت يتعين أن يرتبط بالإنجاز. فالساعة تقاس، في الحقيقة، بما أُنجز فيها. أي أن تنظيم الوقت ليس غاية في حد ذاته، ولكنه وسيلة لتحقيق المزيد من الإنجازات على الأصعدة الشخصية والمهنية والعائلية وغيرها. وهو ما يقتضي التعامل مع الوقت باعتباره الفضاء الزمني الذي نتحرك فيه لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا.

ولا ينبغي أن يغيب عن البال أن تنظيم الوقت، على طريقة وضع البرامج وتحديد الأولويات، لا يجب أن يصرفنا عن اللحظة الراهنة، ذلك أن الحرص المبالغ فيه على تسطير مهام الأيام المقبلة ومشاغلها قد يجعل حياتنا معلّقة على المستقبل، فننسى أن الحياة، في نهاية المطاف، هي هذه اللحظة التي نعيشها.