رأي

عبد الغني القاسمي: الحسيمة في مفترق الطرق الغامضة

قبيل اطلالة عيد الفطر المبارك استبشر سائر المغاربة خيرا بما بادر به جلالة الملك محمد السادس من تعبير صريح من جلالته عن الاستياء مما آلت اليه مشاريع التنمية المجالية لمدينة الحسيمة و محيطها التي أطلق عليها البرنامج التنموي الحسيمة منارة المتوسط من تعثر و تأخير في مواعد تنفيذها ، كما اتخذت في ضوء ذلك عدد من الاجراءات و التدابير التي من شأنها تسريع التنفيذ و احترام المواعد المعلن عنها في يوم اشارة الانطلاق من طرف جلالته منذ أكثر من سنتين ، فضلا عن تكليف المفتشية العامة للادارة الترابية و المفتشية العامة للمالية باشراف وزيري الداخلية و المالية بالتحقيق و البحث في أسباب كل ما جرى واعدا تقرير في هذا الشأن يتضمن تحديد مسؤولية الأطراف المقصرة لتنال جزاءها ، جاء ذلك في اجتماع المجلس الوزاري الذي ترأسه جلالته بالدار البيضاء الذي شهد أيضا تعيين عدد من الولاة و العمال من بينهم العامل الجديد لاقليم الحسيمة الذي سيكون من مهامه اعادة الطمأنينة الى نفوس السكان و الاستجابة للمطالب الاقتصادية و الاجتماعية و السهر في هذا الاطار على حسن تنفيذ التوجيهات الملكية التي ستفتح أفقا جديدا يتيح للمدينة الشاطئية الجميلة و محيطها القيام بدورهما في منظومة النشاط الاقتصادي و الاجتماعي الوطني . .
بالفعل خلف ما صدر عن هذا الاجتماع صدى الارتياح لدى الجميع ، و ساد التفاؤل بامكانية اطفاء جذوة احتجاجات الحسيمة وعودة السكان الى نشاطهم اليومي الطبيعي بعيدا عن جو الضوضاء و الشغب و الفوضى الذي لم تعد الحاجة ماسة اليه ، و لكن ما حدث يوم العيد كان عكس المتوقع ، وقعت مواجهات عنيفة و وقع رد الفعل عليها بما دعا الدولة بمؤسساتها و هياكله الى تأكيد حضورها ، و ما لوحظ بكامل الأسف خلال مسيرة احتجاجات العيد هو ظهور شعارات مستفزة للسيادة الوطنية روج لها مندسون وسط المحتجين أخفوا وجوههم بأقنعة و ألثمة و رشقوا بالحجارة رجال الأمن و كسروا و حطموا كل ما رأوه أمامهم ، و حتى المستشفى المحلي و مصلحة المستعجلات و آلات الكشف و العلاج لم تسلم من أياديهم ، لقد لونوا العيد باللون الأسود و زرعوا الرعب و الفزع في أطراف المدينة الصغيرة الآمنة ، وتساءل الملاحظون عن السر في هذا التصعيد المفاجئ ، هل ه هو فقط له علاقة بالمعتقلين الخاضعين حاليا للتحقيق في انتظار محاكمتهم أم هو تحصيل حاصل لطلب المغرب من هولندا تسليم امبراطور المخدرات سعيد شعو الذي كان نائبا برلمانيا الذي يروج أن له أتباع ينفذون أوامره و يؤججون الوضع ليميعوا بفعلهم هذا مسار الاحتجاجات التي قيل مرارا انها سلمية فاذا بها تتخذ طابعا مغايرا يوم عيد الفطر لتضع الحسيمة و محيطها في مفترق الطرق الغامضة التي لا يعرف أحد الى أي اتجاه تؤدي .