تحليل

طريق الوحدة والحاجة إلى مغرب الشباب والديمقراطية

جمال محافظ

ونحن  نحتفل سنة 2017 بالذكرى الستون  60 لطريق الوحدة يجذربنا ان نطرح ومنذ البداية هل سيتمكن المغرب من إبداع مشروع مبتكر آخر يستلهم الروح والقيم التي واكبت شق طريق الوحدة؟ وأن تشكل الطريق نبراسا لاعادة بعث مبادرات أخرى في قيمة مستوى هذه التجرية بأفق جديد، يلتف حول هذه المبادرات شباب الألفية الثالثة كما التف فى الماضى رفاقهم من شبيبة الأمس من أجل الكفاح لنيل الاستقلال وشق طريق التوحيد أيضا.

وعلى الرغم من أن الظروف والرهانات والاحلام تختلف في الألفية الثالثة التي نحياها، وشباب اليوم ليس هو شباب الامس وبالطبع لن يكون هو شباب الغد ولكن قيم الوطن والمواطنة تظل كما كانت وان تغيرت المسميات.

فالاحتفال بطريق التوحيد التى كان يحلوا للعديد من قادة الحركة الوطنية الزعيم علال الفاسي والمهدى بن بركة رئيس المجلس الاستشارى وعبد الرحيم بوعبيد وزير الاقتصاد ومحمد الحيحى مربي الاجيال كان يطلقوه على هذا المشروع الوطنى التطوعي، يتعين ان يشكل لحظة متميزة لفتح نقاش عمومي واسع اولا لترسيخ ثقافة الاعتراف ولاستلهام العبر للا جابة عن الاسئلة الراهنة التى تطرحها الشبيبة المغربية وجعلها تؤمن بأن الواقع المرير الذي تعيشه غالبيتها ليس قدرا، وبالامكان تغيير هذا الواقع بالتشبث بالأمل والدفاع عن الحقوق.    

فالاحتفال بمرور ستة عقود على انطلاق مشروع طريق الوحدة لايمكن اختزاله فقط في بلاغ يتيم وفي بضعة ثواني أودقائق على قنوات الاعلام العمومي بطريقة وأسلوب مهنى يستشف منه انه في اطار رفع العتب، ونفس الكلمات وحتى الوجوه ايضا في اعادات مملة واحيانا بتشويه الحقائق وتاريخ مبتور، وترتيبه في آخر الاخبار، انها مجرد ملاحظات وبفعل تكرارها يطرح المتتبع والمشاهد والمستميع والقارئ علامات اشتفهام كبيرة في الوقت الذى تستنر البلدان الاخرى ثراثها الامادى ليكون نبراسا ليس لتمجيده وتقديسه ولكن الاغتراف من جوانبه المضيئة باستحضار الاسئلة الراهنة والمتغيرات.

لقد تعمدت واكاد وعن سبق اصرار ان ابدأ بخلاصة المقال عوض استعراض فكرة ورجالات الطريق والمراحل التي قطعتها الطريق التى اعطيت اشارة انطلاقتها في الخامس من يوليوز التي كانت تحظي برعاية ودعم المغفور له الملك محمد الخامس الذى أبى الا أن يتنقل شخصيا سنة 1957 الى أوراش البناء والتشييد للتتبع عن قرب ولتشجيع الشباب المغربي المتطوع من طل انحاء البلاد لبدء أوراش شق طريق طولها 60 كلم تمتد ما بين تاونات وكتامة للربط بين شمال وجنوب المغرب الدي مزقه الاحتلال الفرنسي والاسباني على مدى المرحلة الاستعمارية مابين 1912 و1955.

لم يكن الهدف هو شق الطريق الذى كان من الممكن ان تتولاه المصالح المعنية بالاشغال العمومية والتجهيز، بل كان يتمثل البناء، وكما كان يلقن الاجيال الصاعدة المرحوم محمد الحيحى أحد المسؤولين عن الاشراف على وضع مخطط تنفيذ الطريق انه مشروع للمستقبل بسعة أحلام الوطن آنذاك، لبناء الانسان ولبناء المغرب الجديد " نحن نبنى الطريق والطريق تبنينا".

         إذن كان الهدف المعلن من هذا المشروع الذي عرف مشاركة 11 ألف شاب يمثلون مختلف جهات البلاد شق هذه الطريق، الا أن الهدف المضمر والغاية كانت أكبر وأعمق من ذلك، وهي تلك  ما نقف عليها في رسالة المهدي بن بركة الى المغفور محمد الخامس خلال تلك الفترة، في أن يحتل طريق الوحدة مكانته ضمن الحملة الوطنية لتعبئة القوى الحية في البلاد من أجل بناء استقلال المغرب الجديد.

 فكان يراد من مشروع طريق الوحدة الذى كان من بنات أفكار الراحل المهدي بن بركة استلهمها من تجارب بلدان كانت من نفس مشاكل المغرب خاصة يوغوسلافيا والصين، والتفت حول الفكرة كافة القوى الوطنية الحية من مختلف مسؤولياتها ومواقعها المختلفة، ان يشكل "نموذجا اختباريا سيسمح نجاحه بفتح الطريق لمشاريع أخرى، من أجل التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلد بالاعتماد على الامكانيات المحلية والوطنية".

    كما أن فكرة وحدة المغرب التي ارتكز عليها المشروع كانت "تعد رمزا مهما" ستتجسد بالربط بين المنطقتين القديمتين الشمالية والجنوبية أيضا بتشجيع المتطوعين الشباب في هذا الورش والقادمين من مختلف المناطق والجهات الذين "ستتأجج حماستهم وحميتهم في مباشرة المسؤولية المشتركة الملقاة على كواهلهم". بيد أن نجاح هذه العملية كان مرهونا بالحماس المزروع حول الافكار الرمزية للوحدة وللتعبئة من أجل بناء الاستقلال، ولتنسيق الجهود بين كافة المتدخلين والاطراف للسهر على تنفيذ البرنامج دون أدنى خلل كما جاء في رسالة المهدى ذاتها.

  واقترح المهدي بن بركة في هذا الصدد، ان يتم تنفيذ مشروع طريق الوحدة عبر العمل التطوعي للشباب المغربي، وان يكتسي طابعا رمزيا في ترسيخ الوحدة الترابية للمغرب الذي مزقته القوى الاستعمارية وتكالبت عليه، ويجسد بذلك التحاما ملموسا بين منطقتي الشمال والجنوب اللتين كانت تربطهما عمليا سوى بعض المسالك الموجودة على طرفي الريف، وبالتالي فك العزلة عن مناطق الشمال التي فرضها الاستعمار الاسباني للالتحام من جديد وبالتأكيد على التشبث بوطنها.

      وساهم المشروع بعد ثلاثة اشهر فقط من العمل الجاد في الربط بين منطقتي الشمال والجنوب، في الوقت الذى كانت تربط بين المناطق المسيطر عليها من قبل إسبانيا وفرنسا سوى طريقين اثنين: واحدة في غرب البلاد بين سوق الأربعاء والقصر الكبير وأخرى في الطرف الآخر، تربط بين بركان ومليلية. ولم يكن بالتالي هناك من خيار للذين سيسافرون بين البلدات القريبة والمتفرقة بين الجوانب المختلفة للحدود الفاصلة بين المحميتين، سوى خيار الانتقال إلى واحدة من الطريقين المتوفرين، مكلفا بذلك سكان وسط المغرب مشقة وعناء قطع مئات الكيلومترات للوصول لغايتهم، أوالمخاطرة بالسفر عبر الحقول والغابات والأحراش، كما نتج عن ذلك، ضعف في التبادل التجاري والإنساني بين المنطقتين.

فالغاية الرئيسية من مشروع طريق التوحيد وفق ما جاء في العرض الذى ألقاه المهدى بن بركة ضمن سلسلة الدروس التى كانت تلقى بمركز تكوين المسيرين بغابة المعمورة بضواحى مدينة سلا كان هو اعداد المواطنين المكافحين الذين يكونون طلائع الجماهير الشعبية التى كان يشترط فيها أولا: الاستعداد الفكرى بالاخلاص والتفاني في خدمة الشعب الذى يجب أن يكونوا منه وإليه. وثانيا: تكوين خاص لتزويدهم بمعلومات ضرورية عن حالة البلاد وما تتطلبه من علاج، ومن طريقة التجنيد في سبيل العمل لبناء الاستقلال.

وتناولت الدروس التي القيت في مركز التكوين بالمعمورة، مواضيع تتعلق بحالة البلاد وواجبات المواطنين إزاءها وحمل الشعب على العمل من أجل لتدراك ما لحق البلد من تأخير في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نتيجة قرون من الركود ولسياسة الافقار والتجهيل والمطلوب من الجهود الفردية والجماعية .

   فمن بين الاهداف الاساسية لطريق توحيد المغرب، وكما جاء على لسان جريدة "العلم" في عددها الصادر في 23 يوليوز 1957 في معرض مواكبتها الصحفية لسير هذا المشروع، تكوين إطارات للبلاد، موضحة أن الأوراش التى فتحت منذ مستهل يوليوز والتي كان العمل فيها يستغرق يوميا خمس ساعات ونصف في الصباح، بينما تخصص ساعات بعد الظهر وقسط من المساء لتنفيذ البرنامج التربوي للمتطوعين وفي تكوينهم من النواحى الفكرية والتربوية والثقافية والعسكرية والرياضية، لم تكن قط وسيلة لمكافحة البطالة، بل انها في الواقع كانت مدرسة كبرى لتكوين إطارات من المسيرين الذين سيشرفون في ما بعد على مشاريع أخرى بعدد من الجهات.

وبغض النظر عن ماراكمته هذه التجربة الفريدة ليس على المستوى الوطني بل على مستوى العالم الثالث التى عانت كما عانى المغرب من معضلة الاستعمار، كان من الممكن إن توفرت إرادة سياسية لمواصلة المشاريع وفق نفس الروءى والخطط، أن يشكل مشروع طريق الوحدة بداية فعلية لبناء مغرب جديد بأفق مغاير ومتجدد.

  لقد كان الأمل بعد الانتهاء من أوراش طريق الوحدة معقودا أيضا أن تصبح هده التجرية الرائدة في العمل التطوعي والتي لقيت صدى دوليا واسعا، مدرسة حقيقية بعد أن يكون الشباب المتطوع قد استفاد من الأنشطة المتعددة التى ستمكنه عند رجوعه الى مناطقه، من التشبع بروح وطنية جديدة يعمل على نشرها في ربوعه.    وإذا كان المتطوعون في مشروع طريق التوحيد قد نجحوا في أداء مهامهم في شق الطريق بعد أن تفوقوا في الكفاح من أجل الاستقلال الوطني، فهل تمكنوا على مختلف مستوياتهم في ما بعد والى الآن ، من القيام  بواجبهم في المعركة من أجل بناء مغرب جديد، كما دعاهم الى القيام بذلك المغفور له محمد الخامس لدى تدشينه للمشروع؟
ونحن نحتفل سنة 2017 بالذكرى الستون 60 لطريق الوحدة يجذربنا ان نطرح ومنذ البداية هل سيتمكن المغرب من إبداع مشروع مبتكر آخر يستلهم الروح والقيم التي واكبت شق طريق الوحدة؟ وأن تشكل الطريق نبراسا لاعادة بعث مبادرات أخرى في قيمة مستوى هذه التجرية بأفق جديد، يلتف حول هذه المبادرات شباب الألفية الثالثة كما التف فى الماضى رفاقهم من شبيبة الأمس من أجل الكفاح لنيل الاستقلال وشق طريق التوحيد أيضا. وعلى الرغم من أن الظروف والرهانات والاحلام تختلف في الألفية الثالثة التي نحياها، وشباب اليوم ليس هو شباب الامس وبالطبع لن يكون هو شباب الغد ولكن قيم الوطن والمواطنة تظل كما كانت وان تغيرت المسميات. فالاحتفال بطريق التوحيد التى كان يحلوا للعديد من قادة الحركة الوطنية الزعيم علال الفاسي والمهدى بن بركة رئيس المجلس الاستشارى وعبد الرحيم بوعبيد وزير الاقتصاد ومحمد الحيحى مربي الاجيال كان يطلقوه على هذا المشروع الوطنى التطوعي، يتعين ان يشكل لحظة متميزة لفتح نقاش عمومي واسع اولا لترسيخ ثقافة الاعتراف ولاستلهام العبر للا جابة عن الاسئلة الراهنة التى تطرحها الشبيبة المغربية وجعلها تؤمن بأن الواقع المرير الذي تعيشه غالبيتها ليس قدرا، وبالامكان تغيير هذا الواقع بالتشبث بالأمل والدفاع عن الحقوق. فالاحتفال بمرور ستة عقود على انطلاق مشروع طريق الوحدة لايمكن اختزاله فقط في بلاغ يتيم وفي بضعة ثواني أودقائق على قنوات الاعلام العمومي بطريقة وأسلوب مهنى يستشف منه انه في اطار رفع العتب، ونفس الكلمات وحتى الوجوه ايضا في اعادات مملة واحيانا بتشويه الحقائق وتاريخ مبتور، وترتيبه في آخر الاخبار، انها مجرد ملاحظات وبفعل تكرارها يطرح المتتبع والمشاهد والمستميع والقارئ علامات اشتفهام كبيرة في الوقت الذى تستنر البلدان الاخرى ثراثها الامادى ليكون نبراسا ليس لتمجيده وتقديسه ولكن الاغتراف من جوانبه المضيئة باستحضار الاسئلة الراهنة والمتغيرات. لقد تعمدت واكاد وعن سبق اصرار ان ابدأ بخلاصة المقال عوض استعراض فكرة ورجالات الطريق والمراحل التي قطعتها الطريق التى اعطيت اشارة انطلاقتها في الخامس من يوليوز التي كانت تحظي برعاية ودعم المغفور له الملك محمد الخامس الذى أبى الا أن يتنقل شخصيا سنة 1957 الى أوراش البناء والتشييد للتتبع عن قرب ولتشجيع الشباب المغربي المتطوع من طل انحاء البلاد لبدء أوراش شق طريق طولها 60 كلم تمتد ما بين تاونات وكتامة للربط بين شمال وجنوب المغرب الدي مزقه الاحتلال الفرنسي والاسباني على مدى المرحلة الاستعمارية مابين 1912 و1955. الاحتفال بمرور ستة عقود على انطلاق مشروع طريق الوحدة لايمكن اختزاله فقط في بلاغ يتيم وفي بضعة ثواني أودقائق على قنوات الاعلام العمومي بطريقة وأسلوب مهنى يستشف منه انه في اطار رفع العتب، ونفس الكلمات وحتى الوجوه ايضا في اعادات مملة واحيانا بتشويه الحقائق وتاريخ مبتور لم يكن الهدف هو شق الطريق الذى كان من الممكن ان تتولاه المصالح المعنية بالاشغال العمومية والتجهيز، بل كان يتمثل البناء، وكما كان يلقن الاجيال الصاعدة المرحوم محمد الحيحى أحد المسؤولين عن الاشراف على وضع مخطط تنفيذ الطريق انه مشروع للمستقبل بسعة أحلام الوطن آنذاك، لبناء الانسان ولبناء المغرب الجديد " نحن نبنى الطريق والطريق تبنينا". إذن كان الهدف المعلن من هذا المشروع الذي عرف مشاركة 11 ألف شاب يمثلون مختلف جهات البلاد شق هذه الطريق، الا أن الهدف المضمر والغاية كانت أكبر وأعمق من ذلك، وهي تلك ما نقف عليها في رسالة المهدي بن بركة الى المغفور محمد الخامس خلال تلك الفترة، في أن يحتل طريق الوحدة مكانته ضمن الحملة الوطنية لتعبئة القوى الحية في البلاد من أجل بناء استقلال المغرب الجديد. فكان يراد من مشروع طريق الوحدة الذى كان من بنات أفكار الراحل المهدي بن بركة استلهمها من تجارب بلدان كانت من نفس مشاكل المغرب خاصة يوغوسلافيا والصين، والتفت حول الفكرة كافة القوى الوطنية الحية من مختلف مسؤولياتها ومواقعها المختلفة، ان يشكل "نموذجا اختباريا سيسمح نجاحه بفتح الطريق لمشاريع أخرى، من أجل التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلد بالاعتماد على الامكانيات المحلية والوطنية". كما أن فكرة وحدة المغرب التي ارتكز عليها المشروع كانت "تعد رمزا مهما" ستتجسد بالربط بين المنطقتين القديمتين الشمالية والجنوبية أيضا بتشجيع المتطوعين الشباب في هذا الورش والقادمين من مختلف المناطق والجهات الذين "ستتأجج حماستهم وحميتهم في مباشرة المسؤولية المشتركة الملقاة على كواهلهم". بيد أن نجاح هذه العملية كان مرهونا بالحماس المزروع حول الافكار الرمزية للوحدة وللتعبئة من أجل بناء الاستقلال، ولتنسيق الجهود بين كافة المتدخلين والاطراف للسهر على تنفيذ البرنامج دون أدنى خلل كما جاء في رسالة المهدى ذاتها. واقترح المهدي بن بركة في هذا الصدد، ان يتم تنفيذ مشروع طريق الوحدة عبر العمل التطوعي للشباب المغربي، وان يكتسي طابعا رمزيا في ترسيخ الوحدة الترابية للمغرب الذي مزقته القوى الاستعمارية وتكالبت عليه، ويجسد بذلك التحاما ملموسا بين منطقتي الشمال والجنوب اللتين كانت تربطهما عمليا سوى بعض المسالك الموجودة على طرفي الريف، وبالتالي فك العزلة عن مناطق الشمال التي فرضها الاستعمار الاسباني للالتحام من جديد وبالتأكيد على التشبث بوطنها. وساهم المشروع بعد ثلاثة اشهر فقط من العمل الجاد في الربط بين منطقتي الشمال والجنوب، في الوقت الذى كانت تربط بين المناطق المسيطر عليها من قبل إسبانيا وفرنسا سوى طريقين اثنين: واحدة في غرب البلاد بين سوق الأربعاء والقصر الكبير وأخرى في الطرف الآخر، تربط بين بركان ومليلية. ولم يكن بالتالي هناك من خيار للذين سيسافرون بين البلدات القريبة والمتفرقة بين الجوانب المختلفة للحدود الفاصلة بين المحميتين، سوى خيار الانتقال إلى واحدة من الطريقين المتوفرين، مكلفا بذلك سكان وسط المغرب مشقة وعناء قطع مئات الكيلومترات للوصول لغايتهم، أوالمخاطرة بالسفر عبر الحقول والغابات والأحراش، كما نتج عن ذلك، ضعف في التبادل التجاري والإنساني بين المنطقتين. فالغاية الرئيسية من مشروع طريق التوحيد وفق ما جاء في العرض الذى ألقاه المهدى بن بركة ضمن سلسلة الدروس التى كانت تلقى بمركز تكوين المسيرين بغابة المعمورة بضواحى مدينة سلا كان هو اعداد المواطنين المكافحين الذين يكونون طلائع الجماهير الشعبية التى كان يشترط فيها أولا: الاستعداد الفكرى بالاخلاص والتفاني في خدمة الشعب الذى يجب أن يكونوا منه وإليه. وثانيا: تكوين خاص لتزويدهم بمعلومات ضرورية عن حالة البلاد وما تتطلبه من علاج، ومن طريقة التجنيد في سبيل العمل لبناء الاستقلال. وتناولت الدروس التي القيت في مركز التكوين بالمعمورة، مواضيع تتعلق بحالة البلاد وواجبات المواطنين إزاءها وحمل الشعب على العمل من أجل لتدراك ما لحق البلد من تأخير في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نتيجة قرون من الركود ولسياسة الافقار والتجهيل والمطلوب من الجهود الفردية والجماعية . فمن بين الاهداف الاساسية لطريق توحيد المغرب، وكما جاء على لسان جريدة "العلم" في عددها الصادر في 23 يوليوز 1957 في معرض مواكبتها الصحفية لسير مختهذا المشروع، تكوين إطارات للبلاد، موضحة أن الأوراش التى فتحت منذ مستهل يوليوز والتي كان العمل فيها يستغرق يوميا خمس ساعات ونصف في الصباح، بينما تخصص ساعات بعد الظهر وقسط من المساء لتنفيذ البرنامج التربوي للمتطوعين وفي تكوينهم من النواحى الفكرية والتربوية والثقافية والعسكرية والرياضية، لم تكن قط وسيلة لمكافحة البطالة، بل انها في الواقع كانت مدرسة كبرى لتكوين إطارات من المسيرين الذين سيشرفون في ما بعد على مشاريع أخرى بعدد من الجهات. وبغض النظر عن ماراكمته هذه التجربة الفريدة ليس على المستوى الوطني بل على مستوى العالم الثالث التى عانت كما عانى المغرب من معضلة الاستعمار، كان من الممكن إن توفرت إرادة سياسية لمواصلة المشاريع وفق نفس الروءى والخطط، أن يشكل مشروع طريق الوحدة بداية فعلية لبناء مغرب جديد بأفق مغاير ومتجدد. لقد كان الأمل بعد الانتهاء من أوراش طريق الوحدة معقودا أيضا أن تصبح هده التجرية الرائدة في العمل التطوعي والتي لقيت صدى دوليا واسعا، مدرسة حقيقية بعد أن يكون الشباب المتطوع قد استفاد من الأنشطة المتعددة التى ستمكنه عند رجوعه الى مناطقه، من التشبع بروح وطنية جديدة يعمل على نشرها في ربوعه. وإذا كان المتطوعون في مشروع طريق التوحيد قد نجحوا في أداء مهامهم في شق الطريق بعد أن تفوقوا في الكفاح من أجل الاستقلال الوطني، فهل تمكنوا على مختلف مستوياتهم في ما بعد والى الآن ، من القيام بواجبهم في المعركة من أجل بناء مغرب جديد، كما دعاهم الى القيام بذلك المغفور له محمد الخامس لدى تدشينه للمشروع؟