تحت المجهر

مصير جديد لإفريقيا يتحدد طبقا لروح التعبئة التي ميزت 20 غشت

عادل الزعري الجابري:و.م.ع

 بناء قارة إفريقية مستقرة ومندمجة، قوية اقتصاديا ووازنة سياسيا في الساحة الدولية، ومتحررة من عبء وهموم الحقبة الاستعمارية، تلك هي الأهداف التي يحرص  الملك محمد السادس شخصيا على تجسيدها والتي يكرس لها جلالته كل طاقاته.

   وتشكل الزيارات المختلفة التي قام بها  الملك محمد السادس منذ اعتلاءه عرش أسلافه المنعمين، لأكثر من 29 بلدا، من بينهم أربعة عشر زارها جلالته منذ أكتوبر الماضي، دليلا ملموسا لهذا الانخراط الراسخ لجلالته لفائدة إفريقيا.

   وبالفعل، ومنذ اعتلاء  العرش، حرص الملك محمد السادس على مواكبة تطورات القارة من خلال إطلاق مشاريع للتنمية المشتركة التي تستجيب، بشكل مستديم، لحاجيات ساكنتها، حيث أن المغرب، وكما أكد على ذلك  الملك في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة مساء الأحد بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، ” لم ينهج يوما سياسة تقديم الأموال، وإنما اختار وضع خبرته وتجربته، رهن إشارة إخواننا الأفارقة، لأننا نؤمن بأن المال لا يدوم، وأن المعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب”.

  وفي إطار هذه الروح من التضامن الفاعل مع الشعوب الإفريقية، تمكن المغرب من إعادة روابطه مع القارة على أساس عمل ثلاثي يقوم على تعبئة التضامن، والابتكار، والازدهار المشترك، وهو ما تجلى من خلال عودته للاتحاد الإفريقي وإرادته الملموسة في الانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

   وهكذا، تتجلى روح 20 غشت في رؤية المغرب من أجل إفريقيا.

   فهذه الملحمة، التي تجسد الروابط القوية التي توحد بين الملك والشعب والتي كانت مصدر إلهام  لعدد من الحركات التحررية في المغرب العربي وإفريقيا، تشكل اليوم تعبيرا لانطلاقة لفائدة تنمية القارة، بدون مركب نقص أو أفكار مسبقة، حيث أن تنمية المغرب ستمر أساسا من خلال تنمية إفريقيا والعكس صحيح.

   ورفع  في هذا السياق أي لبس وقطع الطريق على أي جدال عقيم  يريد أن يروج بان  “المغرب يصرف أموالا باهضة على إفريقيا، بدل صرفها على المغاربة”.

   لقد أبرز  في خطابه السامي أن ” توجه المغرب إلى إفريقيا، لن يغير من مواقفنا، ولن يكون على حساب الأسبقيات الوطنية. بل سيشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وسيساهم في تعزيز العلاقات مع العمق الإفريقي.”

   ان سياسة المغرب في افريقيا كانت مجدية بالنسبة له على أكثر من صعيد، فإلى جانب انعكاساتها السياسية والاقتصادية، فإنها ساهمت في تكوين رؤية واضحة بخصوص القضية الوطنية حيث ان العديد من بلدان القارة راجعت مواقفها بهذا الخصوص ، دون إغفال  الحزم الذي تنهجه المملكة من أجل ” وضع مسار التسوية الأممي على الطريق الصحيح، وقطع الطريق أمام المناورات التي تحاول الانحراف به إلى المجهول.”

   وبفضل الاجماع الذي يطبع الجبهة الداخلية حول قضية الصحراء، تعززت هذه القضية العادلة بفضل الدينامية التي شهدها المقترح المغربي للحكم الذاتي الذي يحظى بدعم دولي واسع كحل مستديم وذي مصداقية، والكفيل لوحده بتوفير شروط اندماج اقتصادي وامني في المنطقة وتخليص القارة الافريقية من النزعات الانفصالية.