رأي

خطأ بريء أم محاولة اختلاس رسمية؟

محمد العلمي

فوجئت، منذ بضعة أيام، بوصول إخطار من قباضة فاس البطحاء إلى الوكالة التي أملك فيها حسابا بنكيا منذ بضع سنين يفيد بأنني متأخر في دفع ضريبة "دخل" لم أتوصل به إطلاقا من دكان في المدينة القديمة لا أملكه بل لا أعرف مكانه بالتحديد؛ لكنني، في نظر القباضة المحترمة، أدر منه دخلا ولا أدفع ضرائبه.

ولولا فطنة أحد موظفي البنك الذي كما أبلغني أنه يعرفني منذ أن كان صغيرا وأنا صحافي ودخلي في الولايات المتحدة وأن رقم البطاقة الوطنية الذي قدمته القباضة مختلف عن رقمي المسجل في حسابي فقد ساورته بعض الشكوك في القضية. المثير في الموضوع أيضا هو أن قرار قباضة البطحاء وضع يدها على أكثر من عشرين ألف درهم من مالي الخاص دون وجه حق لم يأت بوثائق ومعلومات خاطئة فحسب بل جاء أيضا دون سابق إنذار ودون أي محاولة للاتصال بي أو إخطاري بالموضوع قبل قرار اللجوء إلى حسابي البنكي.

الغريب هو أن القباضة العجيبة لم تجد مشكلة في الحصول على تقدم على الخطوة الأخيرة بسحب أموالي من حسابي، دون علمي !

وبعد أن قام أحد أقربائي مشكورا بالنيابة عني بوضع مسؤولي القباضة أمام خطائهم فوجئ بتماطل غريب، وبعده بتعنت أكثر غرابة؛ وهو ما دفعني في الحقيقة إلى الكتابة، حتى لا يتكرر مثل هذا العمل مع أي كان سواء كان مقيما في الداخل أو الخارج.

كان الانطباع الأول بعد وصول الإخطار هو أن الأمر لا يعدو أن يكون تشابها في الأسماء أو خطأ إنسانيا سيتم تصحيحه بسرعة؛ لكن المفاجأة التي اكتشفت هي أنه لا وجود لأي تشابه بين اسمي واسم المعني بالأمر. وثانيا، وحينما ذهب قريبي إلى القباضة المذكورة قيل له إن عليه أن ينتظر إلى حين عودة "الموظف" الذي ارتكب الخطأ.

وبالفعل، عاد الرجل في الموعد المضروب واكتشف أن صاحب الخطأ هي مديرة القباضة التي كانت موجودة أثناء زيارته الأولى؛ بل أكثر من ذلك رفضت المسؤولة عن القباضة تصحيح الخطأ أو التعاون على تصحيحه ذلك؛ بل طلبت منه أن يتوجه إلى مصلحة ضريبية أخرى في منطقة مختلفة من المدينة حتى نجح في نهاية الأمر في العثور على مسؤول متفهم بعد أن اطلع على الخطأ ونجح أخيرا في إقناع مديرة القباضة في التوقيع على وثيقة ترفع بموجبها قباضتها "اليد عن حاسبي !".

ما يشعرني بالقلق فعلا هو كيف يمكن لأمر مثل هذا أن يحدث في بلاد القوانين والمؤسسات والقباضات، وأن يتم الإجهاز على حساب مواطن -مقيما كان أو مغتربا- بدون إذن قضائي بل بدون إبلاغه في المقام الأول؟ وكيف للإدارة ألا تسارع في تصحيح الخطأ حينما كان يكون بينا وظاهرا وغير قابل للنقاش دون عناد ودون تعنت بيروقراطي؟