رأي

محمد العربي هروشي: أوراق متساقطة حول الدخول المدرسي

منذ أسبوعين اصطف تلاميذ المملكة أمام أبواب مدارسهم في موعد فاقت دقته المقرر الوزيري نفسه الذي نصّ على أن الدخول الدراسي الفعلي للتلاميذ سيكون يوم الخميس 07 شتنبر 2017، وقبل ذلك تجب الإشارة إلى أن التهييء بدأ بعد خروج التلاميذ في عطلتهم الصيفية؛ بحيث تجندت الوزارة على قدم وساق، وعلى رأسها الوزير، في رسالة غير مشفرة بأن شيئا يجب أن يحدث: تغيير وقطع مع ما مضى.

بيد أنه وجب التذكير بأنه لولا انخراط الإدارة التربوية في مختلف الأسلاك التعليمية بتفان وجدية في تحسين وتجميل واجهات بنيات الاستقبال، في إرادة وطنية واضحة لأجل إصلاح أعطابنا في التربية والتكوين، لما كان مضمونا أن يكون التلامذة يوم الخميس في مقاعدهم أمام مدرسيهم الذين التحقوا رغم الإرباك الذي خلفه المقرر الوزيري والمذكرات المديرية المستدركة ليلتحق الأطر والأساتذة قبل الأوان.

لقد أجمعت كل الخطب الملكية على تدهور منظومتنا التعليمية والتربوية، وبالتالي انهيار مدرستنا العمومية قيما وأخلاقا ومعرفة. مما استدعى تدخل الملك شخصيا لرد الاعتبار إلى هذه القضية التي اعتبرها الثانية بعد القضية الترابية الأولى، ورغم تخصيص رجال التعليم ونسائه بمؤسسة اجتماعية، مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، وخطاب رد الاعتبار لهيئة التعليم، ودسترة المجلس الأعلى للتربية والتكوين وجعل على رأسه أحد ألمع المستشارين الملكيين، رغم كل ذلك بقي تعليمنا منشدا إلى مؤخرة الترتيب العالمي بل والقاري.

صحيح أن الوزير الحالي لم تأت به صناديق الاقتراع إلى حقيبة التربية والتكوين، وهو ما يؤشر على أن الرجل حظي بثقة ملكية وجيء به بعد أن خبر ضبط وتدبير الشأن الترابي، سواء لما كان على رأس جهة طنجة تطوان أو لما تولى وزارة الداخلية، ليبصم على مرحلة إصلاحية يحتاجها قطاع التعليم. وبوصفي فاعلا تربويا، سواء بصفتي مدرسا أو مدبرا، لا أنكر أن خطاب الوزير ونواياه، بل حتى بروفايله، تنم عن الصرامة والحزم والانضباط، في قطاع حساس يتعامل مع الذهنيات والعواطف والخيال، مما يتوجب الرفع من منسوب الثقة في هيئة التدريس بالتحفيز لا بالترهيب، بالإشراك لا بالإقصاء.

إن المفتاح الأول لتجاوز مرحلة الضبط والانضباط هو الالتفات إلى هيئة التدريس والانصات إلى احتياجاتها المادية والمعنوية، والتجاوب مع تطلعاتها.

وماذا بعد؟

ها قد التحق الجميع بالفصول الدراسية، والمؤسسات جلها تحسن مظهرها والأساتذة والتلاميذ تميزوا بهندام خاص، يبقى الآن السؤال المركزي: ماذا عن المعرفة؟

هل أعدنا النظر بما يكفي في المنهاج الدراسي لمختلف المستويات والتخصصات؟

ماهي المقاربة البيداغوجية التي تم الحسم فيها للتدريس؟ هل بيداغوجية الكفايات أم بيداغوجية الأهداف؟

هل وفرنا ما يكفي من الأطقم التربوية المراقبة والمقومة لهيئة التدريس كي لا تبقى متروكة لمصيرها؟

على أي أساس ومعيار تم "تعديل" مضامين بعض المقررات، التربية الاسلامية والفرنسية مثلا؟

لماذا تم التراجع أو عدم الاهتمام بمواد التفتح الفني، موسيقى رسم تشكيل...؟

كيف لم تهتد الوزارة إلى حد الآن لتعمل بنظام أستاذ الوحدة عوض إغراق أستاذ بمواد يبدو من خلالها كالعطار، خصوصا في الابتدائي. هذه أسئلة مفتوحة أنثرها وأخشى أن تتساقط أحلامنا بمدرسة عمومية طليعية كما ستتساقط أوراق هذا الخريف.

*شاعر مترجم وباحث- الحسيمة/المغرب.