رأي

أحمد إفزارن: فٰقهاءُ الفضاء!

أحمد إفزارن

- يا قمرنا الصناعي!

هأنتَ تدور حول كوكب الأرض.. اتخذتَ مدارَك، وشرعتَ في مهمة الرصد والمراقبة فوق رؤوسنا، على علو حوالي 700 كيلومتر..

- إنجازٌ كبير، ومُهم..

اشتريناك من فرنسا بمبلغ 500 مليون أورو..

ولن تبقى وحدك هناك.. اشترينا لك شقيقا: قمر صناعي آخر سيتم إطلاقُه هو أيضا من قاعدة كورو، في مستعمرة "غويانا" الفرنسية..

والقمران يشتركان في مهمة ما زالت غير واضحة، في غياب المعلومات الرسمية.. كل ما نعرف هو أن المهمة هي الرصد..

- الرصدُ من الفضاء..

ويبقى الرصد قابلا لقيل وقال، وخاصة في الصحافة الفرنسية التي تردد أن المغرب سيكون له قمران صناعيان للتجسّس..

التجسّس على من؟ وماذا؟

التحليلُ الفرنسي يدورُ إعلاميًّا، حول القلق الجزائري، والقلق الإسباني، وعن مراقبة أي تحرك عسكري في تيندوف، وعلى كل الحدود المغربية، وأيضا مراقبة المخدرات، وشبكات التهريب البشري...

ولا يُستبعد أن تكون للقمرين المغربيين مهام رصدية أخرى..

ومن حقنا أن نوظف التكنولوجيا الفضائية لأغراض مفيدة للبلد، ومنها الاتصالات العنكبوتية، وخدمة الخريطة الفلاحية، وشبكات الماء، والطرق، والحركة البرية والجوية والبحرية وغيرها...

المشاريع القابلة للتنفيذ كثيرة..

وهذا إنجاز كبير يشكله إطلاقُ المغرب لقمرين صناعيين متطورين.. هذا مهم لتنمية البلد..

وطبعا، وحتى في غياب المعلومات الرسمية، تبقى جملة أسئلة مرتبطة بقمرنا الصناعي الأول، الذي دخل الخدمة الفضائية منذ 8 نوفمبر 2017 (ذكرى المسيرة الخضراء)، والقمر الثاني الذي سيلتحق به في مطلع 2018:

- سؤال: هل سوف يرى القمران "الغاليان" كلَّ ما يحدث اجتماعيا في بوادينا وحواضرنا؟

يقال إن كلا منهما مؤهل لمشاهدة أيّ شخص وهو يكلم آخر في أي مكان قصيّ في البلد.. وهذا مهم، ويُطمْئنُنا على كوننا تحت أنظار عيون تكنولوجية لا تكذب.. عيون صناعية تُقدم لأجهزة المراقبة التحليلية كل ما تراه، كما هو، بلا لفّ ولا غشّ..

سؤال: هل القراءة الآدمية للصور الفضائية ستكون كلُّها ذاتَ مصداقية؟

هذا لا علاقة له بالتقنيين..

الشك في جهة أخرى..

نشك في حسن قراءة الصور الفضائية، وتفسير وتأويل معاني الصور الثابتة والمتحركة.. السبب: حكومتُنا لا ثقة فيها!

ومن حقنا، ونحن لها معارضون، أن نشك في حُسن تعاملاتها الفضائية مع شؤوننا الأرضية..والاجتماعية..

- تحت قبّة السماء..

حكومتُنا، على غرار سليفاتها، أفسدت بلدَنا، وخلْفَها أحزابٌ وجهاتٌ أخرى فاسدة..

سؤال: هل سيحمينا الفضاءُ من استفحال الفساد السياسي والإداري الذي كرّسته حكوماتُنا المتعاقبة في بلدنا؟

وإذا كانت هذه الحكومة هي ستتلقّى المعلومات الفضائية المرصودة، فحتما ستُحيط نفسَها ليس فقط بآليين وتقنيين، بل أيضا بفُهماء الفضاء لكي يؤوّلوا لها، وبطريقة بعض الفقهاء، كيف تورّط هذا المعارضَ السياسي أو ذاك.. أليس هذا مستبعدا؟ أمُستبعدٌ إقحامُ فُقهاء الفضاء؟

- نطالب بنزاهة فضائية..

لا يكفي أن تكون العيونُ الفضائية صادقة في ما ترى، يجب أن يكون فقهاءُ الفضاء منزّهين عن سوء التأويل..

هذا إذا كان الفضاء المغربي، في سمائنا، متحررا من فقهاء الحكومة..

وفرقٌ شاسع بين قراة تقني، وتأويل في خدمة سياسية..

التحفظ ليس من التقني، بل من المتسيًّس الذي يرتدي عباءةَ التقني..

وحكومة تصف الريفَ بالانفصال، ماذا يقال عنها!؟ هذه حكومة غير نزيهة في تعامٰلها مع المواطنين.. حكومة لا تعرف قراءة التاريخ، تعرف فقط سوءَ التأويل، والإساءة لمن لا يعزفون على هواها..

يجب أن يكون الفضاءُ المغربي غيرَ مُسيّس.. وبمعزل عن فقهاء الحكومة..

- بانتظار حكومة مؤهلةٍ لأنْ تخدم المجتمع، ولا توزعُ خيراتِ البلد، ميمنةً وميسرة..

وهذا التحفظ من سياسة حكومية غير اجتماعية، يبعث على أسئلة أخرى إلى قمريْنا الصناعيين:

- هل عندكما أدواتُ الوقاية؟ أم أنتما مجرد آلة يمكن أن يوجهها أيٌّ كان، في أي اتجاه، وحتى بسوء نية؟ وللتوضيح: هل أنتما في خدمة سياسية؟ أم في خدمة المواطن، من خلال خدمة الوطن؟

يقودُنا إلى هذا كونُنا لا نرى فيكما فقط تكنولوجيا متطورة، بل أيضا أداةً لا نريدها أن تقع في سوء استخدام بشري..

والمقصود هنا السلوكُ الحكومي المعتاد، وهو سلوكٌ يحارب المجتمع، ولا يريد لفُقراء البلد أيَّ خير، لا في التعليم، ولا الصحة، ولا ولا ولا...

وعندما ينضج العمل الحكومي، والبرلماني، عندها نأتمنُ الفضاءَ من ألاعيب السياسة!

أمَا والحالُ كما كان، فنحن نعارض أيَّ استغلال سياسي، للفضاء الوطني، من أجل الإساءة لحقوقنا الاجتماعية..

وإذا اضطررنا، فسنخرجُ إلى حراك فضائي، من أجل حقوق الوطن، وحقوق المواطن..

- ولتذهب الحكومةُ إلى المريخ!