رأي

خالد الشرقاوي السموني: حقوق الانسان بالمغرب : الإنجازات والتحديات

خالد الشرقاوي السموني


يوم 10 دجنبر من كل سنة يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان . وخلال هذه
الذكرى يحاول الحقوقيون المغاربة الوقوف عند المنجزات والمكتسبات التي تحققت في بلادنا ، و أيضا الإخفاقات و التحديات المرتبطة بتنزيل مبادئ حقوق الانسان انطلاقا من الدستور و الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها المملكة المغربية .
 فلا أحد يجادل في أن النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها في المغرب قد عرف تطورا ملحوظا، حيث تم إرساء أسس دولة القانون بفضل قرارات هامة وشجاعة تم اتخاذها في هذا المجال ، كان أبرزها إحداث هيئة الانصاف والمصالحة التي انكبت على موضوع الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان، و التي تعد فريدة من نوعها و تعتبر تجربة نموذجية يقتدى بها في إفريقيا والعالم العربي.
ونذكر أيضا اعتماد المملكة المغربية دستور جديد سنة 2011 يكرس الحقوق والحريات والمساواة والمناصفة ، و يعزز مكانة حقوق الإنسان ببلادنا ، و يتضمن ما لا يقل عن 60 مادة متعلقة بالحقوق و الحريات.
كما انضم المغرب لعدد مهم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و صادق على أهم البروتوكولات الملحقة بها، كمصادقته على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، و أصدر  عددا من القوانين و النصوص التشريعية التي تساهم في تطوير مبادئ حقوق الانسان ، وقام بتعديل نصوص أخرى لملاءمتها مع هذه المبادئ ، من أهمها إلغاء محاكمة المدنيين بالمحاكم العسكرية، واستمرار إصلاح منظومة العدالة وإحالة العديد من ملفات الفساد والرشوة على القضاء وكدا فتح تحقيقات في بعض التجاوزات المتعلقة بالتعذيب ، و إعداد السياسات الحكومية في مجال حقوق الإنسان والحرص على ملائمتها مع القانون الدولي الإنساني.
لانسان ، المتعلقة بالوقاية من التعذيب أو حماية الطفولة و دعم ذوي الاحتياجات الخاصة ، بالإضافة إلى آلية محاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة .
كما أن المنظمات الحقوقية ، بما فيها المجلس الوطني لحقوق الانسان والجمعيات الحقوقية المدنية  ، ساهمت في توسيع النقاش المجتمعي وتعميقه حول قضايا حقوقية مختلف حولها داخل المجتمع المغربي  ،كإلغاء عقوبة الإعدام و في الارث و تنظيم قضية الإجهاض و  قضايا الحريات الفردية ، دون أن يكون هناك أي تضييق على أصحاب الرأي في هذا الشأن .
و هذا يعبر عن انفتاح الدولة على الآراء المختلفة ، وأيضا المستوى الرفيع الذي وصلت إليه المنظمات الغير الحكومية المغربية المهتمة بحقوق الإنسان، ومستوى تفاعلها مع كافة الآليات والميكانيزمات الدولية لمراقبة تفعيل وتنفيذ الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة .
وأمام تحقيق كل هذه الإنجازات ، يتعين لفت الانتباه إلى أن هناك تحديات تواجه بلادنا ، حالا و مستقبلا . فرغم التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان ببلادنا، فالتحديات كبيرة ومرتبطة أساسا بمطالب العدالة الاجتماعية و بالتوزيع العادل للثروات  و بتوسيع فضاء الحريات الجماعية ، كتعزيز الحق في التعبير السلمي والتجمعات العمومية السلمية ، مع وضع ضوابط لاستعمال القوة العمومية المفرط خلال المظاهرات .
و يظل  موضوع العنف ضد النساء إحدى التحديات الكبرى للوضع الحقوقي ببلادنا، بجانب معالجة الوضعية الاعتبارية للمرأة و اعتماد إطار تشريعي منسجم مع الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و تبني مقاربة النوع في مجموع السياسات العمومية.
أيضا، هناك مجموعة من الحقوق ينبغي النهوض بها ، خاصة تلك المرتبطة بالحقوق الثقافية والاجتماعية والبيئية. وهي تحديات لها صلة مباشرة بالتنمية المستدامة والمساواة الاقتصادية والعدالة المجالية ، خصوصا و أن المغرب يعرف بروز جيل جديد من حقوق الإنسان، ينادي بمزيد من العدالة الاجتماعية وبمزيد من العدالة المجالية التي تعتبر شرطا أساسيا لإنجاح مشروع الجهوية الموسعة المتقدمة.
و في الأخير، لا بد من التأكيد على أن  مسؤولية احترام حقوق الإنسان والنهوض بها تقع على عاتق الدولة و البرلمان و الأحزاب السياسة و المنظمات الحقوقية . كما لا ينبغي تبخيس المنجزات التي حققها في هذا المجال و رسم صورة قاتمة وسوداوية للوضع الحقوقي بالمغرب خاصة لدى المنتظم الدولي ، لأن المغرب يشق طريقه نحو دولة الحق و القانون و بناء مجتمع تسود فيه الحقوق و الحريات .