سياسة واقتصاد

عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي.. تتويج لسياسة استشرافية متبصرة للملك محمد السادس

كفى بريس ( و م ع)

شكلت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والتي تكرست في القمة 28 للمنظمة القارية، المنعقدة في يناير الماضي بأديس أبابا (إثيوبيا)، إحدى المحطات الأكثر تميزا التي طبعت الساحة القارية خلال السنة المشرفة على نهايتها.

وجاءت هذه العودة، التي توجت سياسة استشرافية متبصرة للملك محمد السادس ورؤية ملكية حكيمة للتعاون جنوب-جنوب على أساس شراكة رابح-رابح، لتعزز المكانة التي يحتلها المغرب على الصعيد الإفريقي.

كما جسدت، برأي محللين وخبراء في شؤون القارة، محصلة منطقية لسياسة تأسست عبر السنين على قاعدة متينة تمثلت في الالتزام الملكي اتجاه التجذر الإفريقي للمملكة. وهو التزام عكسته الزيارات العديدة التي قام بها صاحب الجلالة لبلدان القارة، مكرسا مبادئ التضامن والتعاون في خدمة القارة الافريقية.

وحملت هذه الزيارات، التي قادت الملك إلى العديد من عواصم القارة غربا وشرقا وجنوبا، معها الكثير من الآمال الواعدة بالنظر الى العدد والطابع الاستراتيجي لاتفاقيات التعاون الموقعة بين المغرب والدول التي زارها.

إنه الامتداد الإفريقي للمغرب، البلد الذي يعتز بإفريقيته ونجح في توطيد قاعدة تحالفاته المثمرة المتجهة نحو مواكبة إفريقيا الجديدة في عزمها على تولي زمام مصيرها وإعلاء صوتها في النظام العالمي الجديد.

وبالموازاة مع تمدده الاقتصادي الواضح في القارة، أطلق المغرب منذ القمة ال 27 للاتحاد الافريقي، التي انعقدت في يوليوز 2016 بكيغالي (رواندا)، مسلسل عودته الى الأسرة المؤسساتية القارية. ففي رسالة إلى هذه القمة، أكد صاحب الجلالة أن الوقت قد حان لكي يسترجع المغرب مكانته الطبيعية، ضمن أسرة الاتحاد الإفريقي.

وتهيأت بذلك الأرضية لهذه العودة المغربية المظفرة. بدليل الدعم القوي الذي عبرت عنه الغالبية الساحقة للدول الإفريقية إزاء هذه العودة.

ففي الجلسة الختامية للقمة 28، تعاقب قادة الدول وكبار المسؤولين الأفارقة على التنويه بهذه العودة من منطلق القناعة العامة بأن المغرب، كفاعل وازن وذي مصداقية على الساحة الدولية، مؤهل لتقديم مساهمة قيمة في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية بالقارة.

وقد أكد المحللون والخبراء في الشؤون الافريقية الأهمية التي تكتسيها مكانة المغرب في المشهد القاري.

وتقول ليسل لوو فودران، المستشارة بمعهد الدراسات الأمنية ببريتوريا، إن عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي من شأنها المساهمة في توطيد وحدة القارة وتنميتها الاقتصادية.

ولاحظت هذه الخبيرة أن المغرب حقق إنجازات هامة في مسار التقدم الاقتصادي ويقيم علاقات ممتازة مع غالبية الدول الإفريقية، مضيفة أن العودة المغربية تنسجم مع ارادة المملكة للمساهمة في تعزيز الوحدة والتنمية الاقتصادية للقارة.

وهكذا، كرست قمة أديس أبابا، بعودة المغرب، انطلاقة جديدة في اتجاه بناء إفريقيا قوية وموحدة، وهو هدف ظلت المملكة تعمل على الدوام من أجله.

ووثق الخطاب الذي ألقاه الملك في اختتام قمة أديس أبابا لحظة قوية ذات حمولة تاريخية وعاطفية. فقد قال صاحب الجلالة في خطاب صفق له بحرارة قادة البلدان الافريقية "كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب! كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه ! فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي".

لقد أكد هذا الخطاب، برأي هؤلاء القادة، هوية المغرب كصوت للوحدة والتضامن والسلام في افريقيا.

ومباشرة بعد هذه العودة، برهن المغرب على أنه عند حسن ظن شركائه الأفارقة. فقد توسعت أكثر الاستراتيجية المغربية لارساء أسس شراكة جديدة جنوب-جنوب. وتم إيفاد العديد من البعثات، بتعليمات ملكية سامية، الى العديد من البلدان من أجل السهر على تتبع تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة خلال الزيارات الملكية لهذه البلدان.

وشكلت القمة الخامسة للاتحاد الافريقي- الاتحاد الأوروبي، التي انعقدت نهاية نونبر الماضي بأبيدجان، مناسبة لقادة القارة للإشادة بمساهمة المملكة في تحقيق التقدم المنشود على صعيد قضايا القارة.

وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فاكي، خلال القمة، أن إفريقيا استعادت وحدتها بعودة المغرب إلى أسرته المؤسسية، الاتحاد الإفريقي.

إنها شهادة تلخص الموقع الرفيع الذي يحتله المغرب ضمن الأسرة الإفريقية، موقع يجسده نبل المبادرات الملكية الرامية إلى تمكين إفريقيا من توحيد قواها حتى تضطلع بالدور اللائق بها في المشهد الدولي.