رأي

أحمد إفزارن: وقفة تأمل

- سطوب!

علينا بوقفة تأمّل، لإعادة النظر في أحوالِنا..

نحنُ مثلَ كثيرين، لسنا في صحّةٍ جيّدة.. أحوالُنا ليست على ما يُرام..

مسيراتُنا الاجتماعيةُ المسالمة لم تُحَلَّ تعقيداتُها ومُضاعفاتُها بعد.. لعلهم لم يستوعبُوا أعماقَها.. أو تعمّدوا...

ومُعتَقَلو المطالب المشروعة ما زالوا وراء القضبان..

والعدالةُ الاجتماعية لا وجود لها على أرض الواقع.. ولا عدالة في ملاحقة الفساد..

والعالمُ حولَنا، هو الآخر، في غيرِ صحةٍ عقليةٍ ونفسيةٍ وعَصَبيّة، مُتوازنةٍ سليمة.. ولا توازُن في ما نحن فيه!

الأخبارُ ليست جيّدة.. والتحليلاتُ والاستنتاجاتُ ليست إيجابية..

والتهديداتُ كثيرة..

والصراعاتُ لا تنتهي..

والسباقاتُ إلى التّسلّح، بلا نهاية..

عالمُنا مريض، في حالة غير طبيعية، في هذا العالَم المجنون..

فُرادَى وجماعات، على نفس التوتّر..

- وعلينا بوقفة تأمّل! لا ثم لا..

الرفضُ كلُّ الرّفض، لأيّ استغلال من بشرٍ لبشر.. وأيِّ توجُّهٍ إلى تصنيعات حربية..

ثقافةُ السلام هي المطلوبة.. دائما هي أفضل، وأربح، وأكسب..

وعلينا بتجنّبِ أيِّ انحرافٍ عن السلام: وطني وإقليمي وعالمي..

ويجبُ التركيزُ على تعليم أطفالنا أن رهاننا الصائب، يَكْمنُ في علاقاتنا مع بعضنا، ومع العالم المحيط بنا، والعالم الخارجي.. وفي هذا حمايةُ البشرية، والبيئة الطبيعية، وحمايةُ مُقوّمات الحياة على كوكب الأرض، وفي المداراتِ الشمسية، إذا كان هدفُنا بالفعلِ أن نعيش ونتعايش..

لا نقبلُ لبلدنا أيَّ جُنوح إلى الصناعة العسكرية..

- الرفضُ لدخول بلدنا في سباق التسلح!

لا أحسن من الحوار، والبحثِ عن الحلول الداخلية ومع الخارج، عبر وسائطِ الحوار المسالم..

ويجبُ أن نحمي جبهتَنا الداخلية..

وأن نُقوّيَ سِلْمَنا الاجتماعي..

وأن نشتغلَ بجدّ وحزم في العدالة الاجتماعية..

لا أفضلَ من بناء الإنسان.. ومن خلالِه: الإنسانية..

الثقافةُ الإنسانية تجعلُنا في مأمنٍ من كل المخاطر، وتجعلُ غيرَنا يطمئنُّ إلينا، ويَسمعُنا، ويتعاونُ معنا، في كل ما هو خيرٌ وسلام، وأمنٌ وأمان..

وما عدا سياسة السلام، فهو مسلَكٌ لا يقودُ إلى أيّ سلام..

إنّ العالم في حالة توتّر مع نفسه ومع غيرِه، يُنشيءُ تكتُّلات اندفاعية، على حساب علاقاتٍ مُتوازنةٍ مع الآخر..

والكراهيةُ في هذه الأجواء تنتشرُ أكثرَ فأكثر، بين الأفراد والجماعات والدول والتكتلات الإقليمية..

وهذه المشاعرُ الحاقِدة لا يُؤتمَن بها، ولا يُؤتمَنُ علينا بتوجُّهاتها، نحن البشر..

كلُّ المنظمات الدولية تنقادُ إلى الإفلاس..

والإفلاسُ لا يستثني إيديولوجيات وديانات ومتديّنين.. كلّ الاختلافات تتأهبُ لتوتُّرات أكثرَ فأكثر..

والتجمّعاتُ الدينية التي كان من المروض أن تحترم الآخر، وأن تَنشُر هذه الثقافةَ السلمية المسالمة في أوساط أتباعها، هي تُحرّضُ على العنف والكراهية والعُنصرية وعلى التّشَفّي من الآخر..

إننا جميعا في لاَسَلامٍ من أنفُسنا، وعلى أنفُسِنا، وعلى الأجيال القادمة..

وسياسيونا لا يُفكّرون إلا بتبرير فشلهم، وبإلقاء مسؤولية الفشل التدبيري الداخلي على غيرهم..

-الآخرُ هو المسؤول.. هو الشّرّير..

وهذا ليس كلّه صحيحا.. ولا دائما صحيحا..

أنا أيضا مسؤول.. أنت مسؤول.. وكلُّنا مسؤول، خاصةً إذا ضيّعنا آخرَ الفُرص المتاحةِ بأيدينا، وهي تغييرُ طريقةِ تعامُلنا مع حقوقِ الناس..

السلمُ الداخلي يجعلُ صوتَنا مسمُوعًا..

ويضعُ لنا مكانًا محترَما بين الأمم..

أما سياسةُ الزّجر، فهذه لا تقودُ إلا إلى وبال..

الزّجرُ لا يحلُّ مشاكلَنا الاجتماعية، لسببٍ واحد، هو أنّ الناس لم يعودوا يثقون في سياساتِنا العمومية..

وحتى الديمقراطية لم يعُد لها نفسُ البريق الخيالي السابق..

لقد أفسدَت السياسةُ كلَّ علاقاتِها الاجتماعية.. وأصبحت بلا مصداقية، ومشكوكًا فيها، ومحفوفةً بصكّ الاتهام..

وبات التغييرُ ضرورةً آنية..

ولا مجال للتأخّر..

يجبُ الانخراطُ بسُرعة في كلّ ما يقودُ إلى التّهدئة، وإلى إعادة الحقوقِ لأصحابها، وتجنُّبِ كلّ تواطؤ سياسي وقانوني مع المافيا..

يجبُ القطعُ النهائي مع العصابات التي باتت تتحكمُ في قطاعات حيوية للبلاد، وفي العدالة، والصحة والتعليم والتقاعد والتشغيل والتجارة وغيرِها...

حتى السياسةُ لم تَنْجُ من كمّاشةِ المافيا..

وما أحوجَنا إلى أخلاق الحقوق والواجبات، وتركِ الدينِ خارجَ اللُّعبةِ السياسية..

الاتّجارُ في الدين، وفي السياسة، يواكبُه كلُّ الأشرارِ المستطيرة، ومنها تجارةُ الأسلحة..

إن طريقتنا التدبيرية فاشلة..

والتسييرية فاشلة..

ونموذجنا التنموي فاشل..

نمارسُ النفاق في تعامُلاتنا مع أنفُسِنا ومع الآخر..

ونحشرُ أنوُفَنا في ما لا يعنينا..

ونَتغزّلُ في العالم الخارجي، ونغدقُ عليه بما نستطيع وما لا نستطيع، ونحرمُ مواطنينا من أبسط حقوقهم..

هذا الأسلوبُ التدبيري لا يقودُ إلا إلى خراب..

ألم يحن الوقت لوقفة تأمل!؟