تحليل

الاتحاد الأفريقي و قرار تعليق عضوية حكومة جمهورية حزب البوليساريو !

عبد المجيد مومر الزيراوي

إذا كان  القانون التأسيسي لمنظمة الاتحاد الإفريقي لا يحدد بنص ساري المفعول إمكانية طرد أحد أعضاء الاتحاد لأي سبب من الأسباب.فإن أحكام المادة 30 من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي تنص  على  تعليق مشاركة الحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية.

و بالتالي ؛ و جب الإرتكاز على مبدأديبلوماسية الحسم القانوني لخلق ديناميةواقعية جديدةانطلاقا من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي ، ودفع أجهزة الاتحاد إلى الالتزام بالحياد الإيجابي في هذا الملف الذي يتم تدارسه بمجلس الأمن وفق ميثاق هيئة الأمم المتحدة.

فمنظمة الاتحاد الإفريقي تتمتع بحقها المضمون قانونيا في معالجة النزاعات المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين عن طريق الحل السلمي في إطارها المحلي.

غير أن ذلك يتم بما يُوافق قوانين الأمم المتحدة ومبادئها، التي تشترط أن يتم ذلك قبل عرض هذه النزاعات على مجلس الأمن. لأن المساطر القانونية  المصادق عليها بأجهزة الأمم المتحدة لا تسمح لمنظمة الاتحاد الإفريقي بالتدخل المباشر في مسار معالجة نزاع معروض على مجلس الأمن ، و ذلك تبعا لمضامين الفقرتين الأولى والثانية من المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على ما يلي :

1.  ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد "الأمم المتحدة" ومبادئها.

2.  يبذل أعضاء "الأمم المتحدة" الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن.

و هذا ما يَمْحَقُ كلالمناورات غير القانونية للجزائر -كدولة إقامة ل "جمهورية حزب  البوليساريو "-الساعية إلى توريط الاتحاد الإفريقي و جعله طرفاً في النزاع المفتعل حول بعض الجهات الجنوبيةللدولة المغربية .

فالنظام الجزائري الذي استنفذ جزءاً كبيراً من ثروة شعبه الوطنية ( الغاز و البترول ) في صناعة جمهورية دستورالسراب ، لازال يعمل بجهد حثيث على جرِّ الاتحاد الإفريقي نحو مُستنقع المخاتلة و التورط في الدعوة إلى الدخولفي مسلسل مفاوضات ب"دون شروط مسبقة" ،  في محادثات مباشرة  يشرف عليها الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ، تفضي إلى حل دائم ينسجم مع قرارات ولوائح المنظمة الإفريقية والاتحاد الإفريقي وقرارات الأمم المتحدة.

و رغم بعض الإكراهات الموضوعية فالاتحاد الإفريقي  قد بلغ مرحلة من الاستقلالية و الحكامة المؤسساتية التيتسمح بكشف كل الدسائسالسياسوية ،والتصدي القانوني لمناورات النظام الجزائريالتي تهدف إلى الإلتفاف على مبادئ قانون الإتحاد التأسيسي .

هذا القانون التأسيسي الذي صادقت عليه الدولة الجزائرية  دون شروط مسبقة ودون تحفظ، و الذي تنص  أحكام المادة 30 منه على  تعليق  مشاركة الحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية.

فقد آن الأوان لكي يَتِمَّ تجسيد الالتزامات المُتَرتبة عن هذا القانون التأسيسي ، و كشف واقعة التدليس السياسوي من خلال فضح حقيقة ما يسمى  الوثيقة الدستورية التي  وضعتها"جمهورية حزب البوليساريو"أمام أنظار دول الإتحاد الافريقي قصد نيل العضويةبدعم مكشوف من دولة الجزائر.

هذا الدستور المزعوم سَيَتِمُّ من خلاله الإلتفاف على روحالديمقراطية و ماهية القوانين الدستورية قصد اختراق أجهزة الإتحاد، ثم تعليق العملبأحكامه وفق بنود مادتين تنسخ كل أحكام الحقوق و الضمانات الدستورية المزعومة: المادة (31) و المادة (32). 

بل ؛ سيقف الجميع مشدوها  مصدوما أمام مسرحية حكومة حزب البوليساريوالمُمَثلة في منظمة إقليمية وفق نهج المخاتلة ، التياصطنعت دستور السراب على مقاس الحصول على العضوية فقط،  و ليس قصد التنزيلالواقعيلأهداف منظمة الاتحاد الافريقي في تحقيق السلمو السلام و الديمقراطية و حماية مجتمع التنوع البشري، و الإلتزام بالقانون و الحكامة الرشيدة. 

فالوثيقة الموضوعة من طرف " جمهورية حزب البوليساريو"لا ترقى قانونيا إلى مقام تعاقد دستوري منبثق عن إرادة شعبية حقيقية ، بل ما هيإلامجرد نظام داخلي يعبر عن عقيدةحزب انفصالي يستغل إمتلاكه لترسانة أسلحة حربية و ميليشيا عسكرية لكييفرض بالقوة و الإكراه تعيين الأمين العاملحزب الجبهةعلى أساس عرقيفئوي مذهبي عسكري مُغلق، ثم يتحولرئيس الجبهة العسكريةإلى رئيس " جمهورية حزب البوليساريو"في دولة الإقامة بمخيمات الجلاء في أرضالخلاء بالجزائر. 

 لأن الأمين العام لحزب " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " ، هو نفسه رئيس الجمهورية المزعومة الذي يتم انتخابه في المؤتمر العام لحزب الجبهة المُقام بالجزائر دون احترام حقوقالساكنةالمحلية المقيمة على الأرض موضوع النزاع المفتعل.

نحن إذن أمام فضيحة القرنالسياسية ، فرئيس حزب جبهة البوليساريو هو قائد الميليشا العسكرية ، و هو الذي يوقع الإتفاقيات والمعاهدات الدوليةدون شرعية أو مشروعية ، فالوثيقة الدستورية المزعومة غير منبثقة من صناديق الاقتراع العام المُعبر عن حقيقة الارادة الشعبيةللفاعلين الحقيقيين . 

و يبقى السؤال المُحَيِّر : أين نجد حقوق المواطنات و المواطنيين في واقع دستور " جمهورية حزب البوليساريو " الذي لا يملكأرضا أو سيادة؟! 

لقدعمدت رئاسة جمهورية حزب البوليساريو المزعومة إلى تعليق العمل أيضا بجميع الحقوق الأساسية لحقوق الانسان من خلال مضامين الفصلين السالفين الذكر من دستور السراب،  الذي استعملتهجبهة حزب البوليساريو كحيلة سياسية قصد الحصول على  عضوية غير قانونية دون تنفيذ واجبتها و الإلتزام بتطبيق عهودها الدستورية المزعومة.

إن بنود تعليق العمل بدستور السراب تستدعي من منظمة الاتحاد الإفريقي تعليق مشاركةحكومة حزب جبهة البوليساريو في أنشطة الاتحاد إلى غاية الحسم القانوني في النزاع المعروض على مجلس الأمن و الذي ترعاه حصريا هيئة الأمم المتحدة .

فالتنظيم الدستوري القانوني للدولة يُحدد مدى القدرة على الوفاء بالمعاهدات التي تصادق عليهاو الالتزام بتنزيلها ضمن حدود سيادتها الواقعية ، بشكليخضع لإجراءات قانونية صارمة و مساطر ديمقراطيةواضحة تعبر عن الإرادة الشعبية المنبثقة من صناديق الاقتراع العام الديمقراطي  الشفاف ، الحر و النزيه.و ليسمنمركز القيادة العسكرية لميليشيا حزب جبهة البوليساريو، مركزما وراء المنطقة العازلةللتَّحَايُل على جُلِّ القوانين و المبادئ  التي تنظم كيفية إبرام المعاهدات و الانضمام إلى منظمة قارية بحجم الاتحاد الأفريقي .

 

الديمقراطية أولاً و أخيرًا

 

عبد المجيد مومر الزيراوي

شاعر و كاتب مغربي