رأي

أوسي موح لحسن: عرش الملك وانتظارات شعب

اوسي موح لحسن

تحل الذكرى التاسعة عشر لعيد العرش هذه السنة في فصل صيف  قائظ وبأسئلة حارقة. انه احتفال بقرابة عقدين من الزمن قضاها الملك محمد السادس على عرش ملكية حريصة على التجديد ووفية لتقاليدها وطقوسها المرعية, ولا تزال تواجه تحديات غير مسبوقة في مجتمع معقد وبمطالب أكثر تعقيدا.

طيلة السنوات المنصرمة راكمت الملكية مكتسبات وواجهت تحديات حرص الملك على التناغم معها لوضع المملكة على سكة جديدة. طبع العرش بلمسته الخاصة, وتمكن من تجاوز ارث والده الراحل الحسن الثاني, وكانت له الجرأة لطي صفحة وصفت ب "سنوات الجمر والرصاص".

لم يعد الصراع حول السلطة تحديا للملكية, بل دخلت معركة أخرى ضد الفقر والهشاشة وتحديث المؤسسات. الملكية لا تزال مؤسسة مركزية في النظام السياسي المغربي تراهن عليها كل مكونات الشعب المغربي, لذلك تحرص على التجديد المتواصل لتتأقلم والتطورات والتحديات وانتظارات شرائح من الشعب.

في السنة المنصرمة, كان خطاب العرش متميزا في مضمونه. انتقد الادارة العمومية وما تعانيه من ضعف الحكامة ، ومن قلة المردودية. كما وضع الأصبع على مكامن الخلل, ليؤكد أن "المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع" كما ورد في الخطاب.

انتقد الخطاب النخبة السياسية, وتساءل عن الجدوى من "وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟." لقد قال الملك بصريح العبارة أن "بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل", ولم يتردد في القول " إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟" . قبل أن يخاطبهم بالقول "لكل هؤلاء أقول :" كفى، واتقوا الله في وطنكم... إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإما أن تنسحبوا."

 

واليوم تعاظمت الانتظارات وتعقدت المطالب. في الريف تنتظر الأسر معانقة أبنائها الحرية, وفي الأقاليم الجنوبية تنتظر الساكنة انهاء النزاع المفتعل فيها للتفرغ لتنميتها, وفي مناطق أخرى تتعالى الأصوات لفك العزلة عنها ورفع الهشاشة والبؤس عنها, ويبقى شعار الكرامة والعدالة والاجتماعية على رأس اولويات فئات اجتماعية أخرى.

انها تحديات تقض مضجع الجالس على العرش. فكل المجهودات المبذولة على مستوى القضية الوطنية والامن الروحي وفي الجانب الاقتصادي والتنموي لا يمكن أن تترسخ وتجد لها الأثر دون مصالحة المواطن مع المؤسسات من أحزاب وبرلمان وحكومة وهيئات ترابية, بل واستعادة السياسة لمعناها الحقيقي. فلا يمكن أن تسير الدولة بنخب فاقدة للمصداقية وغير مؤهلة, ولو كانت للملكية ارادة التغيير الحقيقي.