رأي

عبد المجيد مومر الزيراوي: العدالة والتنمية : مأساة عَاهِرَةٍ سياسية ؟!

أظهرت الأزمة الحكومية الجديدة بين حزب العدالة والتنمية و بين حزب التجمع الوطني للأحرار صدقية الإنتقادات المُعَقْلَنَة التي كنا نطرحها - كشباب حداثي شعبي - ضمن مقالات عديدة ، فلا يمكن لكل عاقل لبيب أن يتجاوز حقيقة القصور الذاتي لأحزاب التحالف الأغلبي الحالي عن تشكيل حكومة ملتزمة أخلاقيا و تعمل بوضوح على تدارك الإخفاقات الإقتصادية و الإجتماعية  الحاصلة ، من خلال إعتماد إستراتيحية مندمجة قادرة على إنجاز المخطط الإجتماعي الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس.

و لعل التراشق الإعلامي الدائر بين السيد سليمان العمراني و السيد رشيد الطالبي العالمي ينذرنا بكشف الكثير من الحقائق السياسية التي تم طمس معالمها  من طرف رئيس الحكومة الفقيه سعد الدين العثماني منذ توليه زمام الأمور. حيث أنه سعى بكل ما أوتي من قوة تضليلية إلى تقديم روايات تبريرية حول تماسك التحالف الحكومي و نجاعة ميثاقه في ضبط الخلافات التي تنخر بنيان الأغلبية الحكومية الهشة .

و رغم أننا - كشباب حداثي شعبي - كنا من أشد المعارضين لأسلوب الفقيه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية،  إلا أننا اليوم جد مصدومين من معاينة بحر الإذلال السياسي الذي يغرق فيه حزب العدالة و التنمية . و ها نحن نتابع تصريحات حليف " حُرٍّ " لهم يتقاسمون معه غنائم الإستوزار و يشاركونه عملية توزيع " الكيك الإنتخابي" ، حيث أشار الوزير رشيد الطالبي العلمي القيادي داخل حزب التجمع الوطني للأحرار إلى وجود ما أَسْمَاه : " معركة بين مشروعين مجتمعيين ، مشروع ندافع عليه -أي حزب الحمامة- والذي عَشْنَا فيه وكْبَرْنَا و مشروع آخر دخيل ( يقصد حزب العدالة و التنمية) باغين يْخَرْبُو لَبْلاَدْ بَاشْ يَسْهَالْ لِيهُمْ أنه يْوَضْعُو يْدِّيهُم على لَبْلاَد. هَادْ المشروع الذي يريد تخريب البلاد ”.

و يبقى الغريب المُسْتَغْرَبُ في رَدِّ سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة و التنمية على هذا الإتهام الخطير - الذي يستوجب فتح تحقيق من طرف النيابة العامة لتنوير الشعب المغربي حول نوعية هذا الحزب التخريبي الهدام الذي يسعى إلى تقويض أركان الدولة- ،  يبقى الغريب المُسْتَغْرَبُ أن السيد سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب المصباح يكتفي -فقط- بطلب توضيحات حول : هل هذه التصريحات تعبر عن رأي شخصي أم هي تصريحات تمثل مواقف رسمية يتبناها حزب أخنوش ؟!.

لقد كان من الجائز إعتبار هذا التراشق الحاد في الألفاظ أمرا عاديا لو تعلق الأمر بمواجهة سياسية بين حزب حكومي و آخر معارض ، غير أن الواقعة التي نتحدث عنها تجمع  فصولها بين حليفين حكوميين يجتمعان كل يوم خميس بمقر رئاسة الحكومة . هذه الواقعة التي أعلنت عن وجود أغلبية تسير الشأن العام بتركيبة حزبية تحمل الضد و نقيضه ، تركيبة تحمل "دعاة" مشروع التخريب و كذلك "حُماة " مشروع البناء ؟!.

و لأن كيفية الجمع بين الضد و نقيضه تظل سؤالا فلسفيا يصعب على الفقهاء و رجال الأعمال تقديم الجواب الكافي الشافي حول ماهيته و جوهره و الغاية من هذا الجمع غير المجموع. فسنكتفي بطرح سؤال آخر ينطلق من محاولاتنا البسيطة لمعرفة إسم و ماركة هذا اللِّصَاق الفعال ، هذه " الكُولَة " السحرية العجيبة التي تضمن لَصْقَ تناقضات هذا التحالف الحكومي الهجين.

مهلاً .. مهلاً !

هذا نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يعاتب الوزير الطالبي العلمي بِسَرْدِ الحنين إلى السي بنكيران بعد مرور زمن سياسي طويل على إعفائه ، إنه سليمان العمراني يذكرنا أن حزب أخنوش هو الذي قاد البلوكاج المعلوم  حيث كتب بحروف الرجعية الزمنية :  " هذا هو جزاء “سنمار” مع سي عبد الإله مرتين، المرة الأولى لما أفشلتم مهمته لتشكيل الحكومة وقد أبطأ المفاوضات من أجل ذلك أسابيع من أجلكم، والثانية لما وفَّى لك شخصيا تمام الوفاء وهو رئيس للحكومة وقاد بنجاح مهمة انتخابك رئيسا لمجلس النواب وهو المنصب الذي لم تنله بكد يمينك وكنت خائفا عليه تترقب " .

إننا فعلا نقرأ الطلاسم السليمانية لهذا الدايخ اللي مَاشَادْشِ الأَرْض ، و نتذكر جميعنا بلاغات الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية و تصريحات قياداتها التي لم ترفض إعفاء بنكيران لأنها "لا تعبد الأصنام السياسية" مثلما صرحت به في العديد من المحطات التنظيمية، و كذلك البيانات التي وافقت على التشبت بحزب أخنوش ضمن نفس التشكيلة الحكومية، بل ها نحن نعيد أيضا تلاوة بيان الرضوخ و القبول بتواجد حزب إدريس لشكر بعد أن رفضه المعزول عبد الإله بنكيران.

و اليوم لا يستحي سليمان العمراني في رده الضعيف المُتَرَهِّل من التذكير بأحداث أزمنة سياسية غابرة رغم أن المؤتمرات الوطنية و المجالس الوطنية و إجتماعات الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية كلها تجاوزت الإعفاء المعلوم برضا شبه تام و دافعت عن الإستمرار في التحالف الحكومي الهجين عن طيب خاطر لكي لا تضيع غنائم الإستوزار التي يعضون عليها بالنواجذ.

و نختم بمحاولة تقديم جواب واضح و صريح حول التساؤلات التي طرحها سليمان ذاك الذي ينوب عن الفقيه سعد العثماني و التي أوردها في رده المكتوب وفق مايلي :

 أتساءل لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها حزب بالمواصفات التي ذكرتَ؟ ولماذا تبقى هذه الحكومة أصلا؟؟ شيء ما ليس على ما يرام..

و هكذا نجيب السيد سليمان العمراني – و كل من معه سواء خلفه أو أمامه – نجيبهم بالقول البليغ المبين ؛ إنهم باقون معكم لأن حزبكم أو المسماة العدالة و التنمية التي تدعي الحصول على التفويض الشعبي، أصبحت كالعَاهِرَة السياسية التي بعد أن فُضَّت بكارتها الأخلاقية تحولت إلى شرعنة تحالفات كباريه المجون السياسي و الفسوق الانتخابي  ! .

و ستبقى هذه الحكومة ذات البرنامج الفاشل لأنكم تحبون كراسي السلطة حُبًّا جَمًّا ، و تأكلون غنائم الإستوزار أَكْلاً لَمًّا .. ستسمر الحكومة لأنكم غير قادرين على تقديم إستقالتكم و  الخروج من نعيمها لمواجهة جحيم المحاسبة الشعبية !.

 

و منه ؛ فكل شيء على ما يرام يا كاتب الردود السليمانية ، فقط ينقصكم الكثير من الشجاعة الرجولية. فبعد أن فقد حزب العدالة و التنمية كرامته السياسية ؛ كيف يا ترى سيدافع عن كرامة الشعب المغربي ؟!.

# اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة السياسية ، و لله ما أعطى و لله ما أخذ.

 

*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي