رأي

قضية بوعشرين: وسائل الإثبات و المصلحة العامة

رشيد لزرق

نهج دفاع المتهم بوعشرين المتابع بجريمة الاتجار بالبشر استراتجية، تعتمد على تمويه الرأي العام الوطني، غايتهم التشكيك في العدالة، عبر الرفع من منسوب التسيس، و ضمن هذا السياق تم طلب الخبرة من مؤسسة سيادية تتمثل في مختبر الدرك الملكي، للتأكد من صحة الفيديوهات الجنسية المتابع بها المتهم توفيق بوعشرين.

و بعد خروج الخبرة من حق الرأي العام المتابع للقضية تتبع وسائل الاثبات،  وقد تم تسريب العديد من الصور التي تتبث كون صاحب الصورة هو توفيق بوعشرين، من دون أن تكون هناك صور فاضحة. 

و برز معاها نقاش قانوني و أخلاقي حول قانونية هذا التسريب و علاقته بأخلاقية مهنة الصحافة.

لهذا ارتأينا وجوب التوضيح من خلال التمييز بين الإطار القانوني على ضوء المواثيق الدولية لمعايير المحاكمة العادلة و البعد الأخلاقي لنشر صور المتهم :

 1 الوجه القانوني للنشر الصور

بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تطرق في المادة 14 منه لمعايير المحاكمة العادلة، لم يتطرق نهائيا للنشر صور المتهمين، كمخل بمعايير المحاكمة العادلة، بل اكتفي المشرع الدولي بالتنصيص علي قرينة البراءة، و عبء الاتبات علي النائبة العامة، والمحاكمة الحضورية.

و جميع المعايير المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص مضمنة في قانون المسطرة الجنائية المغربية، و تم احترامها في نازلة بوعشرين من إجراءات تفتيش وقبض.

بالإضافة على كون المتهم شخصية عمومية باعتباره مدير جريدة، و فاعل في المجال ، وقضيته باتت قضية رأي عام ، و جزء من محاميه يطالبون برفع السرية، و جعل المحاكمة علنية، كما ان نشر الصور لا يمكن أن يتضمن تأثير علي سير المحاكمة لكون القضية باتت في المحكمة وتجاوزت مرحلة التحقيق، لهذا فان نشر صور المتهم في هذه المرحلة، قانونيا لا يعرف منعا ، بموجب قاعدة أن الأصل في الأشياء هو الإباحة.

إن إظهار الأدلة المتابع بها المتهم فيه مصلحة عامة و هي تحقيق الاطمئنان لمؤسسة النيابة العامة، بالنظر لتشويش الذي حاول دفاع المتهم خلقه بإنكار وجود الفيديوهات و اعتبار القضية تلفيق من قبل الأجهزة، لهذا فان إعلان الأدلة أمر تستوجبه المصلحة العامة.

2 الوجه الأخلاقي لنشر الصور

 أخلاقيا، صحيح أن نشر الصور المتهم يطرح نقاش الأخلاق المهنية للناشر، وهنا و خلاف لما اتجه له البعض فان نشر الأدلة، به مصلحة عامة تتمثل في طمأنة الرأي العام الوطني، ذلك ان الفائدة عامة تقتضي تنوير الرأي العام، بكون القضية لا علاقة لها بحرية الرأي المكفولة بالدستور، بل بجريمة بشعة ومدى خطورة الأفعال الإجرامية  المنسوبة للمتهم، و تدخل في صلب مهمة الإعلام في تنوير الرأي العام.

أما الحديث عن مصلحة المتهم، فهو حديث له قوة، و الذي يستوجب مراعاة كرامته كمواطن مغربي و تمتيعه بكافة معايير  المحاكمة العادلة.، فان الصور المنشورة ليس بها صور مخلة بالآداب العامة. كما ان جريدته تتولي تغطية كافة الحيثيات بل تعمل علي نشر صورته و صور الضحايا، و بالتالي فان مبرر نشر الصور ليس فيه اي فضح للشخص المتهم  و لا يحتوي عن اي ضرر،  خاصة وان جزء من دفاعه يطالب بعلنية المحاكمة. بل إن نشر الصور هنا ضروري ويقصد به إعلان للجمهور حول جدية الأدلة المتابع بها المتهم توفيق بوعشرين.