"قرد" السلجماسي يأكل حقول الفلاحين

المصطفى كنيت

أبدع الرسام الكاريكاتيري الفنان العربي الصبان، قبل سنوات خلت، رسما كاريكاتوريا نشرته جريدة "العلم" في عز أيامها على ظهر صفحتها الأخيرة، يصور فيه، قردا يتبع فلاحا يلتقط كل البذور التي يزرعها في الأرض، في إشارة إلى ما يفعل "القرد " بفلاحي هذه البلاد.

وبعد مرور أزيد من عقدين من الزمن، و رغم "الدعاية" التي تحاول المؤسسة أن تجمّل بها نفسها، منذ أن تربع على عرشها طارق السجلماسي الرئيس المدير العام لمجموعة القرض الفلاحي، فإن " القرد" لم يتغير. الذي تغير، في الحقيقة، هي شكليات منح القروض، و احتساب الفوائد، على نحو يجعل الفلاح المسكين، يتسلم "القرض" غير عابئ بمضمون العقد، الذي يُرغم على المصادقة عليه في أقرب جماعة، و شواهد الملكية التي يستخرجها من المحافظة، وهو شواهد ملكية، دائما لا تكفي، لأن سياسة القرض الفلاحي، تقوم على رهن جميع ممتلكاته، إلا في ما نذر.

و لا ينخرط "القرد" الفلاحي جيدا في مشاريع تنمية الفلاحة المغربية، خاصة بعد أن تحوّل إلى بنك، يمول مشاريع كبار الفلاحيين، علما أن صغار المزارعين، الذين يشكلون الغالبية، يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على تمويلات هذه المؤسسة، بل إن الكثير من الفلاحين، الذين أرهقتهم سنوات الجفاف، أصبحوا خارج أجندة "القرد" الفلاحي، لأنهم عجزوا عن سداد دين صغير تضخم شهرا بعد شهر بفوائد التأخير، التي تتجاوز في غالب الأحيان مبلغ القرض الذي تسلمه الفلاح.

ومن دون "أنسنة" "القرد" الفلاحي، حتى يصبح في مقدوره الإحساس بمشاكل الفلاح، لا أن يرى فيه مجرد ما قد يقطف من بين يديه من موز، فإن النهوض بالفلاحة و تحسين أوضاع الفلاحين كما رسمها الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان، لن تتحقق على أرض الواقع، لأن المشاريع الفلاحية تحتاج إلى تمويل مرن، بروح وطنية، ونفس اجتماعي، وهو ما يبدو أن مؤسسة القرض الفلاحي تفتقر إليه اليوم، وبالضبط منذ أن حل على رأسها طارق السلجلماسي، الذي ينشتغل بلغة الأرقام ورقم المعاملات ويضع في يده كل أموال المخطط الأخضر، التي يصرفها، لفائدة المستفيدين، وكل أموال الدعم التي تقدمها الدولة المغربية من أجل النهوض بالقطاع، بينما تظل يد "القرد" مغلولة" إلى عنقه.