رأي

إدريس الكنبوري: العرب أكثر تحضرا في الاحتجاج من هؤلاء الفرنسيين الذين لا يميزون بين الاحتجاج والتدمير

ما يجري في فرنسا من أعمال عنف وتخريب درس بليغ من أعتى الديمقراطيات في أوروبا.

لمن؟

لأولئك الذين يتهمون العرب بكل نقيصة.

مع هذه الأحداث ظهر أن العرب أكثر تحضرا في الاحتجاج من هؤلاء الفرنسيين الذين لا يميزون بين الاحتجاج والتدمير.

بهذا المعنى الربيع العربي كان درسا في الحضارة، مهما كانت التجاوزات.

الحقيقة أن ما يصنع التلاحم في أوروبا ليس الديمقراطية ولا حقوق الإنسان كما يزعم الكثيرون، ما يصنعه هو نمط الحياة، وعندما يتعرض هذا النمط للخلل فإن التدمير الذاتي يصبح أسلوب عيش. لكن هذا النمط مبني على نهب خيرات الأفارقة وشعوب الشرق الأوسط. 

العنف الجماعي المنظم لم يولد في العالم العربي، بل ولد في أوروبا ومنذ قرون. منذ المسيح عليه السلام والأوروبيون المسيحيون يقتل بعضهم بعضا دون توقف لولا العلمانية التي كانت رحمة بهم في القرن الثامن عشر. الثورة الفرنسية كانت تخريبا وتدميرا وهي بداية الإرهاب. شعار اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس رفع في فرنسا. المجازر التي حصلت في البلدان المستعمرة قامت بها فرنسا. العبيد الأفارقة الذين كانوا يرحلون في السفن كانت تنقلهم فرنسا. من ما يجري اليوم في هذا البلد يمكن تصور حجم الكوارث التي قد تحصل لو قررت البلدان الأفريقية والعالم العربي امتلاك السيادة الوطنية على ثرواتها وأملاكها، آنذاك قد تدخل أوروبا سريعا في حروب أهلية لأن نموذج دولة الرفاه سينتهي.

هكذا مهما تقدمت الشعوب في العلم والصناعة فإنها تعود دائما إلى الأصل: الصراع من أجل الخبز. العقول والجامعات الأوروبية تنتج معادلات منطقية ونظريات، لكنها لا تصنع خبزا.