رأي

عبد المجيد مومر الزيراوي: هل قُتِلَ آيت الجيد بأمر من الله يا عبد العالي حامي الدين ؟!

" قل لن يصيبنا إلاَّ ما كتب الله لنا " صدق الله العظيم .

بعد التمعن الدقيق في ما نشره  عضو جماعة " التوحيد و الإصلاح "  عبد العالي حامي الدين المتهم بالمساهمة في قتل الطالب آيت الجيد بنعيسى ، حيث سارع إلى تدوين ما يلي :  ” من وصايا والدي رحمه الله، كلما اشتكيت له أمرا من أمور الدنيا، تذكيره لي بأن كل ما يجري في الكون هو تدبير إلهي حكيم، لغايات لا ندرك مزاياها بعقولنا المحدودة”.

و مع تجليات التدبير الإلهي الحكيم وَجْدْتُنِي راغبًا في نقل نصيحة والدي الحاج أحمد الزيراوي - رحمه الله - حين كنت أتذمر أمامه من مصائب الدنيا ، حيث كان يقول  بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } .

و ينتقل منها إلى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } .

ثم ينتهي والدي -رحمة الله عليه- إلى ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبى ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث القدسي العظيم ـ الذي يرويه عن ربه تعالى قال الله عز وجل: " إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إيّاها فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يَلومنَّ إلَّا نفسه".

و حيث أن المصيبة-الجريمة التي يَنْسُبُها عبد العالي حامي الدين  إلى " ما كتَب الله لَهُ " قصد الفرار من تحمل مسؤولية عواقبها الدنيوية ، هي مصيبة في دينه و دنياه لأنه متهم بالمساهمة في قتل الطالب آيت الجيد بنعيسى. ممَّا يعني أننا أمام كبيرة من كبائر الذنوب ، أَ لاَ ؟! وَ هي  قتل النفس التي يُعتبر حفظها و الحفاظ عليها مقصدا رئيسيا من مقاصد الشرع الرباني و ضرورية من الكليات الخمس التي فصل فيها علماء الفقه الإسلامي.

 إن جهابذة المذاهب الإسلامية إجتمعوا على مقاصد الضروريات الخمس التي أَجْمَعَت الشرائع الإلهية على حفظها، وهي: حفظ الدين ، النفس ، العقل  ، العرض و المال . و اعتبروا قتل النفس كبيرة من الكبائر و التعدي عليها جناية وجريمة تستوجب العقاب الردعي حتى  يتحقق الأمن داخل المجتمع.

و لكي تَتَفتَّح بصيرة المتهم عبد العالي حامي الدين  قَصْدَ بلوغ غايات لا يدرك مزاياها بعقله المحدود ، فلا بأس من الإستئناس بما رواه شيخه  أحمد الريسوني  الأمين العام لِ " علماء " الإسلام السياسي، و الذي كان يكتب في زمن ماضٍ بأن "  هذه الضروريات الخمس  مقاصدَ كليةً، لأن غيرها من المقاصد والمصالح الشرعية مندرج فيها، أو متفرع عنها، أو خادم لها. ثم تأتي بعدها مقاصد عامة أخرى، كإقامة العدل، وعمارة الأرض، وحفظ الأمن والوئام، وتزكية النفوس، وإخراج المكلفين من سلطان الهوى إلى سلطان الشرع والعقل " .

يا حامي الدين عبد العالي المتهم في جريمة قتل :

و ما رَبُّكَ بِظَلاَّم للعبيد ! ، هو خَلَقَ كل شيء بِقَدَر ثم هدى البَشَر، وضعَ العقاب بعد الحساب و كل نفس بما كسبت رهينة فَمِنَّا مَنْ شَاءَ الإيمان و مِنَّا مَنْ شَاءَ وَ كَفَر.

مِنَّا مَنْ سَلِمَ الناس من يديه و لسانه و رِجْليه  ، و مِنَّا كذلك أمثالك يا عبد العالي حامي الدين من يعترض سبيل الطلبة و يوقف سيارة الأجرة( الطاكسي) ،  و يَسْحَل الأجساد فوق إسفلت الطريق ، و يَضَعُ الأقدام فوق الأعناق لكي يساهم في جريمة قتل نَفْسٍ تحت مِقْصَلَة " الطْرُوطْوَارْ ".

أَيَا صِنْدِيدَ الإجرام الجامعي ؛

 أَلَمْ يُخبرك والدك – رحمة الله عليه – بأن الله خالق الروح و مالك الجسد يقول في محكم كتابه المجيد:

 " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا" ، و أن " من قتل نفسًا بغير  نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " .  كما أن العَدل عزَّ و جَلَّ يقول " و لكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب لعلكم تتقون ".

أَلَمْ يُعَلِّمك دهاقنة الجماعة الدعوية  أن القوانين الفقهية لإبن جزي المالكي  تؤكد على أن عقوبة القتل في الإسلام  تنطلق من قصاص النفس بالنفس ؟!.

أَلَم يشرح لك شَيْخُكَ الريسوني الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء الإسلام السياسي  قول المالكية ؟! و كيف تعتبر العديد من أمهات المراجع المالكية أن عمدية الجريمة تَتَحَصَّلُ بمجرد قصد الجاني الاعتداء على اﻟﻤﺠني عليه ، وإن لم يقصد قتله.

أَلَمْ يَرْوِ لكَ بنكيران و العثماني و يتيم و الشيخي و الحمداوي ... متن هذا الفصل السلفي المأثور عن ابن القيم  : " والتَّحْقيقُ أنَّ القَتْلَ يتعلَّق به ثلاثةُ حُقوق: حقُّ الله تعالى، وحقُّ المقتول، وحقُّ الولِيِّ الوارث للمَقْتُول، فإذا سلَّم القاتِلُ نَفْسَه طوعًا واختيارًا إلى الولِيِّ ندمًا على ما فعَلَ، وخوفًا من الله، وتوبةً نصوحًا سقط حق الله تعالى بالتوبة، وحقُّ الأولياء بالاستيفاء أوِ الصلح أوِ العفو عنه، وبقي حقُّ المقتولِ يُعَوِّضه الله عنه يوم القيامة عن عبْدِه التَّائب، ويُصْلِحُ بيْنَ القاتِل التَّائب وبين المقتول".

و نختم بالتضرع إلى الله العلي القدير أن يقينا شر جرائم تنظيمات الإسلام السياسي و فتاوى شيوخها الضالة المُضِلَّة و المُضَلِّلَة؛ فاللَّهم  لا تجعلنا ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه و سلم: “ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ  السَّهْمُ مِنْ  الرَّمِيَّةِ ”.

 

رئيس الإختيار الحداثي الشعبي