رأي

محمد نجيب كومينة: حرب في "هسبريس" تؤكد أننا نتجه لفتح الباب لممارسات خطيرة على أمن البلد وحتى على سيادته

ما كشف عنه الصحفيون المنسحبون من "هسبريس" لحد الآن يؤكد حقيقة أننا نصعد نحو الهاوية، ونتجه لفتح الباب لممارسات خطيرة على أمن البلد وحتى على سيادته.

وربما ما كتب اليوم بداية لمسلسل ستكشف باقي حلقاته.

نعرف جيدا أن مالا وسخا يخترق عددا من الصحف والمواقع.

ونعرف جيدا أن اعتماد نموذج اقتصادي محدد قابل للتطبيق من طرف عددا كبيرا  من الصحف والمواقع صعب إلى حد الاستحالة في بلد يتم فيه تحويل أغلبية المعلنين لميزانياتهم الاشهارية للمحركات الكبرى وشبكات التواصل الاجتماعي اوسائل إعلام أجنبية لا يلجها الجمهور المغربي، ويتم فيه توزيع ما تبقى بطرق تقفز على المعايير المعمول بها في بلدان العالم التي تعرف ديمقراطية أو شبه ديمقراطية أو انتقالا .

هذا الوضع يجعل الصحافة المغربية بكل مكوناتها في وضعية هشاشة قصوى ويجعل حرية التعبير والتعددية الحقيقية في البلاد في خطر.

ما نشر عن "هسبريس" وما يتم تداوله بشأن غيرها يعني أن البعض لم يعد يخشى لومة لائم أو يشعر بأي حرج أخلاقي من أي نوع عندما يتعلق المال بالدرهم والدولار والعملات الاخرى والسقوط في فخاخ الرشوة والابتزاز والتسول والعمالة لآجندات خارجية لم تعد سبة أو تهمة، بل وسيلة إلى الاغتناء الذي يترتب عليه الدخول في دائرة أصحاب الحظوة والنفوذ والسلطة.

قبل سنوات فكرت، صحبة بعض الوملاء، في إطلاق منصة رقمية، وكان نموذج Vice News هو النموذج الذي وقع عليه الاختيار، وكانت الفكرة أن يكون هناك تدرج قبل تحقيق "الفورما" الكاملة، وتم الاشتغال في مرحلة أولى على الماكيت والجوانب التقنية والتكنولوجية (الكمبيوتر والهاتف الذكي واللوحات)، لكن لما تم الدخول في تفاصثل النموذج الاقتصادي تبين أن مشروعا إعلاميا مستقلا حقا وملتزما بالآخلاقيات  في هذا البلد من ثالث المستحيلات حتى وإن ركز على الخبر والمعلومة وأخرس الرأي.

والبين اليوم أن الإعلام الممكن هو الذي يبيع مسبقا كل شئ ويرمي االمهنية والأخلاقيات في المزبلة.

الميوعة التي يشتكي منها البعض مخلوقة ومدفوعة الثمن، وهي الوجه الآخر للظلامية التي تستمر في جر البلاد إلى مستنقعاتها بالتقية وبدونها.