سليمة فرجي: شتان بين الاختيار الديموقراطي والخزان الانتخابي

من  المؤكد ان عمليات تشخيص وضعية المرأة في العالم العربي أسالت الكثير من الحبر ،وان دراسة  عوامل القوة الداعمة لإدماج النوع الاجتماعي  شكلت مواضيع دسمة للندوات والموائد المستديرة ، كالتأهيل والاستقلال المادي والإعلام ، ودينامية المجتمع المدني والارادة السياسية ، من خلال سن قوانين دستورية واخرى تنظيمية و عادية تتسم بالوضوح والجرأة بدل سن العبارات الغامضةالفضفاضة  على غرار"تسعى  ويتعين ."واستبدالها بصيغة الوجوب حتى لا يتم التحايل عليها اعتبارا لقاعدة الجواز بدل الوجوب  ، علما ان من بين عوامل القوة المقيدة ،المعيقات السوسيوثقافية ، والعقلية الذكورية والعنف السياسي، اذ انه حتى في حالة وصول المرأة الى البرلمان فإنها تتعرض للعنف السياسي وتحرم فيه من رئاسة اللجان ومن مواقع المسؤولية في اغلب الحالات ،نظرا لهيمنة ثقافة الاعيان والزبونية ،واعتبار المرأة اداة تأثيث ،  وتنامي عقليات التعصب القبلي والعشائري  والتصادم الاناني ، ولعل اهم عوامل القوة المقيدة ، ظلم بعض الاحزاب والتي تعتبر بوابة للبرلمان للمرأة  ،وحرمانها من التزكية وعدم تقديم الدعم لها الا نادرا ، وانتصارها فقط لسلطة المال لضمان الحصول على المقعد تكريسا لمبدأ الدكاكين الانتخابية في ضرب صارخ لتأطير المواطن وخدمة الصالح العام ،ناهيك عن النظرة الدونية للمرأة وحصر مهامها في الدور الانتاجي الذي يتعلق بإنتاج السلع بغرض الاستهلاك او تحقيق الدخل من خلال العمل في البيت او خارجه ، والدور الإنجابي المتعلق بالمهام المنزلية او الاسرية المرتبطة بإنجاب الأطفال ، بالاضافة الى الادارة المجتمعية وتتعلق بالمهام والمسؤوليات المنفذة لصالح المجتمع المحلي ، واحيانا في العالم القروي العناية بالاراضي الزراعية والفلاحة ،لا ننسى ان من بين العوامل المقيدة تكليف المرأة بمواضيع ولجان المرأة  والطفل فقط وحرمانها حتى من البرامج الإذاعية والتلفزية المتعلقة بالسياسات العمومية والمواضيع  الدستورية و القانونية المحورية  وحصر أدوارها في ملهيات ثانوية ،  بل حتى من خلال استقراء التشكيلات الحكومية فان الحقائب المسندة لها تهم فقط الجانب الاجتماعي وما له ارتباط بالأسرة والتضامن في اغلب الحالات ،و من بين عوامل القوة المقيدة للمرأة ،عدم تشجيعها وابراز قدراتها ومجهوذاتها ،و تحطيم الاعلام لها والسخرية منها والتركيز على اي فعل قد يعتبر عاديا بالنسبة للرجل مثلا قضية النائبة البرلمانية التي تم تأنيبها والتشهير بها لا لشيء الا لانها غيرت من مظهرها وبدل محاسبتها على حصيلتها مهما بلغت إيجابيتها ،راح الكل يقتحم خصوصياتها وحريتها الشخصية ولم لا التهديد بهدر دمها مجازا طبعا ،في الوقت الذي يتم فيه غض الطرف عن وقائع اخلاقية ارتكبها مسؤولون بنفس حزبها بدون تأنيب او تشهير او جلد ، علما ان الكفاءة لا تطرح بحدة الا لما يتعلق الامر بالمرأة والحال ان الرجل السياسي اذا كان اميا فان المجتمع يستسيغ ذلك ، اضافة الى ذلك عدم مساندة المرأة للمرأة  وانعدام التضامن بينهن ونقص الثقة في النفس  وانعدام تملك القدرات البرلمانية في التشريع بالنسبة لبعضهن ، بل وان تصادم الأنانيات يحتد لما يتعلق الامر بالنوع الاجتماعي الشيء الذي جعل ثقافة محاربة المرأة للمرأة موضوع تثيره  جميع البرلمانيات من جميع الأقطار في مختلف اللقاءات والمنتديات الشيء الذي يتعين معه مواجهة هذه المعضلة ، واذا حللنا ما يعرض في بعض الفضائيات استنتجنا ان بعض البرامج والخطابات الدينية لا زالت تكرس الصورة النمطية للمرأة وتضرب مبدأ المساواة ، لذلك يجب ان تكون خطة حتى لا يتم الترويج لفتاوى خاطئة ، ولا ننسى ان جل الكتب المدرسية والقصص كلها تضع نماذج ناجحة للرجال فقط ونادرا للنساء ، الأندية الرياضية لها دور ريادي على اعتبار ان النوادي تهتم بالأساس بالذكور دون الإناث ،  مع  ملاحظة نقص التمويل او انعدامه لما يتعلق الامر بالقضية السياسية الداعمة للمرأة ، للإشارة فان المشاركة السياسية للنساء في الاحزاب والنقابات والمؤسسات المنتخبة تعتبر مبدأ أساسيا لتفعيل المواطنة وترسيخ قيم الديموقراطية وتطوير الحكامة الجيدة ومشاركة النساء لا تعني فقط  اعتبارهن خزانا انتخابيا يرفع الاعداد او مجرد ورقة انتخابية خلال فترة الانتخابات تخدم مصالح معينة وانما تعني الخيار المنطقي والاختيار الديموقراطي من اجل صنع القرار والتوجهات والقرارات التنموية للبلاد . 
          سليمة فراجي - محامية - نائبة برلمانية سابقة