قضايا

دموع شهرزاد... في ذكرى اليوم العالمي للمرأة

نجيب طلال

في زحمة الأيام وحمولة أسـعارهـا وهمومها ومعاناتها وإكراهاتها، المنقذفة على كاهل أغلبية العباد من عرب وعاربة ومستعـربة شرقـا وغـربا ! ينقشع اليوم ( العالمي للمرأة ) يوم له دلالته ؛ دلالة التقدير لتلك: الأم / الأخت / الصديقة / الجَـدة / الزوجة / في عطفها وحنانها ونضالها وكفاحها وعطائها وإنجازاتها الاجتماعية والتربوية والاقتصادية.

لكن بتعقـد الحياة والتطورات السريعة ؛ والتي يقابلها التخلف الاجتماعي والفكري والتعَـصب الديني في عصر الاتصال الإلكتروني؛ والغـزو الوسائطي في حياة الأمم . فـَدلالة اليوم العالمي للمرأة ؛ يظل مشكـوكاً في أمـره وماهـية احتفاليته .

( تلك )شهرزاد ! هـزمتْ شهريارعبر الحكاية ؛ ولكن حكاية الواقع المعاش (الآن) أقـوى من شهرزاد ( هـذه ) والتي تحاول مقاومته بكل الأشكال والمسارات ليصبح واقعا منسجما أو متقاطعا وحقوق المرأة أينما كانت. لكن مكبلة وبين جسديها وكينونتها أشكال شتى من المعاناة والاضطهاد سواء الفكري والنفسي والثقافي. كل هـذا وغيـره يساهِـم إلى أبعَـد الحدود في ازدياد انهمار "دموع شهرزاد" انهمارا ؟

فـرغـم ما يلاحظ من تطور في مسار المرأة العربية ؛ من تقلدها وظائف ومناصب رفيعة وانخراطها في الحياة العامة بشكل متميز وبأداء عَملها وواجبهـا بمهنية عالية ؛ في المعامل والشركات و قطاع التربية والتكوين ومجال التمريض والتطبيب ومجال القضاء والمحاماة ومجال السلطة الإدارية والأمنية …. فهذه تغيرات محمودة وإيجابية في حياة المرأة ، لكن كـثيرا من النساء يعانين من همسات ونظرات غير واقعية وسلبية في أقصى الـحُـدود. تلك النظرات والهمسات التي يمارسها الفكر الذكوري؛ حـتى في الأماكن المختلطة التي تتطلب تعامل المرأة تعاملا مباشرا مع الشباب والرجال ؟

إذ كثيرة هي العوائق التي تحيط بالمرأة؛ وتحتاج لـوقفة جـِدِّيةٍ عمليةٍ وقانونيةٍ في موقع الدفاع عن الذات؛ ذات المرأة من الإضطهاد الأسري والوظيفي والمجتمعي؛ بحكم ذكورية الفكر المسيطر في الواقع ؛ مما لازالت الممنوعات والمعيقات و مظاهـر ذات إرث تقـلداني؛ تساهم في استعبادها وتحاصرحركيتها وحريتها؛ وتدعـمُ في إبعاد المرأة العربية ؛ سـواء في المدينة والقرية والمدشر عَـن ممارسة دورها وحقها الشرعي للمساهمة الفعـالة في تقـَدم مجتمعهـا.

فـفي كل الأمكنة والفضاءات؛ دموع شهرزاد تنهمرُ وَ تـَنـهمرُ إمـا عـلنا ً أوخلسة ً أو في أعماقها الداخلية ؛ قرب بوابة المحاكم ومحاكمِ الأسرة أو قـرب مكتب من مكاتب الإدارة أو المستشفيات جَـراء الإضطهاد أو الميزالجـنسي أو الإساءة لأنوثتها أوالتعنيف أوالعنف الأسري أو التحرش لفظيا أو جسديا أو المضايقات بأشكال مختلفة أو المساومات الجَـسدية ؛ حسـَب طبيعة التعامل ومكان الشغل ….وبالتالي فظاهِـرة الفقر والعـوز والحاجة والعنف والاضطهاد واستغلال المرأة استغلالا بشعـا . ليست بالقضية الفردية ، بـقـدر مـاهي قضية مجتمعية / إنسانية بالدرجة الأولى .

إنه واقع لا يمكن أن ينـكـره أحَـد أو يمحيه أي كـان أو يزركشه و يزينه مـن لـه سلطة القـرار؛ بتخريجات بلهاء ومضحـكة؛ كما يفعل بعض السياسويين؛ الذين يستغلون ظرفية الخطاب ؛ لممارسة الحَـروب الصبيانية ؛ وليست الرجولية ضد النساء !!

فمن سيكـفـف دمُــوع شهرزاد (هـذه) في يومها العالمي ! قبل أن تـقتل عمليا في الأرياف والأضرحة المنسية والقرى والجبال الوعـرة والمداشر والأزقة الملتوية والفضاءات الهامشية والمهمشة ؟؟؟