رأي

كنزة بوعافية: جميعا من أجل مغرب يقرأ

"قادمون"..

"قادمون بقوة"..

"قادمون بعزم وبقوة"...

أردناها في البداية مقدمات مرفوقة بالصور.. فالحدث الجميل لا ينتظر.. وفرحتنا به لا تسعها الصفحات.. اليوم نكتب لكم عن تلك المبادرة التي عشنا فصولها الأسبوع المنقضي.. وتساءل أصدقاء كثر عن هويتها وتفاصيلها.. وكيف أخذتنا إلى ربوع رائعة من الوطن الحبيب.. ربوع هادئة، دافئة، تنبض حياة وحيوية، وتنبض خاصة بطيبة أهلها، وعمق تجذرهم في الأرض وتاريخها، وفي الحاضر وتحدياته، وفي المستقبل وأفقه الرحب..

قبل أكثر من ثلاث سنوات، روادتنا الفكرة.. كانت تلاحقنا كظلّنا، ولم نستطع أن نبتعد عنها ولا هي ابتعدت عنا.. لماذا لا ينتقل الكتاب من عالم المدن والحواضر إلى أعماق الأرياف وجنانه؟ .. لماذا لا يكون لتلاميذ الأرياف فضاءات للمطالعة تحفل بالعناوين والروايات المشوقة مثل أترابهم في مدارس المدن؟ لماذا لا تكون للأطر التربوية في المناطق البعيدة فرصة أن يجادلوا مع  تلاميذهم مؤلفات متنوعة، تتوفر بين أيديهم، وتتحول بعد قراءتهم لها إلى محاور نقاش توعوي وتثقيفي ثري ؟

ستظل الفكرة تتعبنا ونتعبها، تتوقد ثم تخبو في ذاكرتنا، حتى تمكنا صيف عام ألفين وثمانية عشر أن نضع لبناتها الأولى حبرا على ورق.. بدأنا بكتابتها، وتصورها، وحلمنا بأن نراها تتحول واقعا على الأرض. ولكن ذلك الحلم ما كان له أن يتحول إلى حقيقة لولا أن آمن به أشخاص أفاضل في ولاية أكادير وفي  المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية بأكادير اداوتنان

فلما عرضنا عليهم الأمر، وجدناهم بمثل حماسنا له وأكثر. فكان أن اجتمعنا.. وخططنا لمشروع القوافل القرائية التي نشأت بعزم نخبة من المسؤولين والمثقفين الذين يحلمون مثلنا بمغرب يقرأ، في كل مكان، وفي كل زمان..

بذاك العزم، ولد مشروع القوافل القرائية  للنهوض بفضاءات المكتبات المدرسية بالوسط القروي وتأهيلها وتنشيطها، زرعا لأشجار المعرفة وارفة الظلال، في حضرة الكتاب سيد النور دائما، وأبدا. وإن السعادة لتغمرنا  أن  يكون منتدى القراءة بالمغرب للرصد والتنمية أحد رواد هذه المبادرة، وفي إطار شراكة مع المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية بأكادير اداوتنان، وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية..

على مدى يومين، قامت لجنة مكونة من:

الحسين أبوالوقار، رئيس مكتب الاتصال والعلاقات العامة بالمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية بأكادير اداوتنان

عبد الله أحجام، المنسق الاقليمي للتربية البيئية والتنمية المستدامة بالمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية بأكادير اداوتنان

خالد العمري، مكلف بأشغال التهيئة

كنزة بوعافية، رئيسة منتدى القراءة بالمغرب للرصد والتنمية

قمنا بزيارة لمجموعة مدارس الإمام البوصيري بجماعة تاغزوت، ومجموعة مدارس المنار بجماعة تامري، ومجموعة مدارس أمنة بنت وهب، ومدرسة الهضاب بجماعة أمسكرود، ومركزية مدارس تيديلي بجماعة إيموزار..

عاينت اللجنة الفضاءات المقترحة لإنشاء وتجهيز المكتبات المدرسية بهذه المؤسسات.. ووقفت على واقع هاته المؤسسات من حيث الموقع، والبنية التربوية، وعدد التلميذات والتلاميذ، وتوفر الأطر المستعدة لتنشيط هذه الفضاءات، وكذا الامكانات  اللوجيستية المتوفرة، كما رصدت الحاجيات التي يلزم توفيرها لإخراجها في حلة جميلة، تزخر بالعناوين، وتغري القراء الصغار على الاستفادة منها والنهل من معانيها.

في رحلتين طويلتين على مدى يومين، ونحن نتنقل بين أكثر من مؤسسة تربوية، كانت المفاجأة السارة التي استقبلتنا كل مرة هي ذلك الحماس المتّقد لدى القائمين على تلك المؤسسات من مديرين وإطار تربوي وموظفين باختلاف درجاتهم.. كانوا شموعا مضيئة تنير درب تلاميذهم المتحمسين مثلهم للمبادرة، يحدوهم الشغف برؤية تلك المكتبات التي ستنشأ وتحتضنهم..

ستكتمل فرحتنا في المنتدى، ومع جميع شركائنا يوم نرى هذه المكتبات تشع نور المعرفة من حولها، ووعدا منا ألا تتوقف القافلة عن رحلتها، لنزرع بذور هذه الفضاءات القرائية قدر ما استطعنا، وقدر ما توفر بين أيدينا من إمكانيات لفعل ذلك.. يحدونا في ذلك عزم لا يفتر، وإرادة لا تضمر، وشركاء يؤمنون بمستقبل هذه الأجيال، وبدور الكتاب والمعرفة في بناء جيل أكثر وعيا، واتزانا، ونفعا له، وللمغرب الحبيب.

ولأن القوافل القرائية التي انطلقت تزرع بذورها الأولى  أصبحت ملكا للجميع، فالباب مفتوح لكم جيمعا أصدقائي لجعل هذه الرحلة لا تتوقف، ولن يكون ذلك إلا بتوفير المزيد والمزيد من الكتب.. فكل كتاب يصلنا منكم هو بذرة معرفة في حقل المعرفة الواسع.. وكل كتاب يقرأه طفل هو نبات فكر  لجيل أكثر وعيا وتميزا.

بكم ، ستستمر هذه القافلة في سيرها.. ومعا، نؤسس لمستقبل أكثر نورا وإشراقا.

 

*رئيسة منتدى القراءة بالمغرب للرصد والتنمية