قضايا

ذئب بنشماس ودم الصحافيين

المصطفى كنيت

اختار حكيم بنشماس، بعناية، بعض وسائل الإعلام، ليقول: " أنا مظلوم"، و " أنا برئ" من شبهة متابعة أربعة صحافيين ومستشار برلماني، عوض أن يعلن عن ذلك في ندوة صحفية مفتوحة أمام كل وسائل الإعلام، لا فقط تلك التي تعمل على "تلميع" صورته، التي لم تعد تنفع معها كل الأصباغ والطلاءات.

واعتاد رئيس مجلس المستشارين أن يصرخ، في كل مرة، إنه "مظلوم": فعندما اتهمته زميلته في الحزب فاطمة الزهراء المنصوري بالاغتناء "الفاحش" بعد أن اشترى فيلا بمئات الملايين، في حي راقي بالرباط، من دون أن يكشف عن مصدر أمواله، صرخ " أنا مظلوم"، وحين طلعت ابنته في صور تكشف حياة البذخ والترف التي أصبحت تنعم فيها، بفضل ريع الوالد،  صرخ " أنا مظلوم"، و حين زج بأربع صحافيين وبرلماني في غياهب المحاكم، زعم " أنا مظلوم".

و يعكس هذا السلوك، انفصاما في شخصية، مواطن سطع نجمه، تحت الأشعة الحارقة  لإلياس العماري، قبل أن يفقد هذا "النجم" الاصطناعي، ما يعكسه من أضواء بمجرد أن انقضت بطاريات صديقه، و توقف محركه عن الهدير، فلم يعد يجد لا أشعة تضيئه، و لا ظلا يحميه من حر شموس الحقيقة التي تسطع كل يوم، لتنير الجوانب العتمة في قضايا كثيرة، ومنها قضية الزملاء الصحافيين الأربعة، الذين وجدوا أنفسهم قاب قوسين أو أدنى من السجن، غير أن القضاء، كان رحيما بهم، عكس بنشماس، الذي كان يستهدف مستقبلهم المهني أولا، و قوتهم اليومي ثانيا.

و لقد وجدت بعض المنابر، المحسوبة على بنشماس، أو التي ترغمها عقوده  المعلومة على الإذعان، نفسها مضطرة للترويج لخطاب يفتقر إلى أدنى حد من المصداقية، واجتهدت كي تلقي بالمسؤولية كلها على وزير العدل السابق، و وزير الدولة الحالي، مصطفى الرميد، و أن تبرئ بنشماس من دم الصحافيين، تماما كما حدث في قصة يوسف عليه السلام، رغم أن الرميد بريء براءة الذئب تماما، لكن بنشماس أغفل أن يقيم حسابا إلى قميص يوسف الذي رد للرأي العام بصره بمجرد صدور تلك الأحكام.

لذلك لا يسعنا إلا أن نردد مع المتنبي:

لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى   حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ

يُؤذي القَليلُ مِنَ اللّئَامِ بطَبْعِهِ         مَنْ لا يَقِلّ كَمَا يَقِلّ وَيَلْؤمُ

وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن تجدْ     ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ