مجتمع وحوداث

محمد اوجار للمحامين المغاربة... أبشركم بالقرار المشترك بين وزير العدل و وزير الاقتصاد والمالية بتحديد مبالغ جديدة تخصص للمحامي في إطار المساعدة القضائية

كفى بريس

إعتبر وزير العدل محمد اوجار، في كلمته بمناسبة المؤتمر 30 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، هذه المحطة تاريخية، لأنها تشهد تنظيم جمعية هيئات المحامين بالمغرب مؤتمرها العام في دورته الثلاثين ، و الذي اخترتم له شعارا ذا حمولة قوية ومعبرة ألا وهو:  تعديل التشريع لضمان الولوج المستنير للعدالة "

وعبر أوجار عن سعادته بالترحيب "بإخوتنا وذوي رُحمانا من البلدان العربية الصديقة و الشقيقة ، الذين حلوا مشكورين على الرحب والسعة ببلدهم الثاني المغرب، ضيوفا أعزاء وإخوة كراما، راجين لهم طيب المقام ودوام الهناء، وهي فرصة لأعبر لهم فيها عن مدى يقيني بأن الاصلاح في العالم تحتل فيه المنظومة القضائية واسطة العِقْدِ و حجر الزاوية، وأنتم كمحامين جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة ، بل إنكم من أهم أجزائها التي تضطلع بدور رائد في بناء مجتمعات قائمة على مبادئ العدل والحرية ، بما تمثلونه من قيم الدفاع عن الحقوق المسلوبة."

وببلاغة ادبية قال أوجار، "تتعدد المناسبات و تكثر الدواعي، وتتجدد الموجبات ، وتتغير البواعث، و تختلف العلل، و يذهب الزبد جُفاء و يبقى الأمل."

وزاد "يبقى الأمل الذي لَمَحَتْ نوره عيوننا، واشْتَمَّتْ أَريجُهُ أنوفنا، و انشرحت به صدورنا، وانبسطت له قلوبنا، تَوْقاً إلى الصورة الجميلة التي رسمناها عن العدالة و منظومتها ،     و أَسْهَمْنَا  ولا زلنا نُسْهِمُ جميعا بِجِدٍّ وكَدٍّ، و عزم وحزم في بناء صرحها و استكمال وضع لبناتها و تأثيث مجالاتها."

ونوه اوجار، برئيس الجمعية  وأعضائها، قائلا، "و لست أبالغ فيما أقول... أننا لمسنا فيكم على الدوام، إلى جانب غَيْـــرَتِكُم الشّديدة على مهنة المحاماة و جَلَدِكُم في المنافحة عنها، استعدادا واضحا لمشاطرتنا الحكمة في التعاطي مع القضايا ذات الاهتمام المشترك ، و البصيرة في التَأَتـِّـــــي، والنفاذ في استبطان النتائج، و الجدية في الحوار ، وهو ما يخولني القول أننا مطالبون جميعا باستشعار عميق لما تقتضيه مواقعنا اتجاه منظومة العدالة ، كوحدة مترابطة لا تتجزأ، و مقطوعة موسيقية متناغمة ينسجم فيها القرار والجواب."

واكد اوجار انه "في خضم التفاعلات العميقة التي يعرفها عالمنا المعاصر ، و محيطنا الخارجي ، نعيش اليوم في المغرب تجربة متفردة"،  وهي مرحلة تحول تاريخي يقودها بحكمة و تبصر واقتدار الملك محمد السادس ، من أجل تحديث المغرب و تطويره و دمقرطته ، تجربة ترتكز في عمقها على  بناء دولة الحق  و القانون و المؤسسات ، و تعزيز الحقوق و الحريات ، و ترسيخ مبادئ الحكامة و الديموقراطية و العدل و الإنصاف  و المساواة  ، و الامن و الكرامة و تكافؤ الفرص و العدالة الاجتماعية             و مقومات العيش الكريم و التنمية الاجتماعية و الاقتصادية.

وذكر اوجار ان هذه التجربة تعززت بصدور دستور 2011 بحمولته الحقوقية الكبيرة، و بمضامينه الإصلاحية ذات البعد الاستراتيجي سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الفكرية أو الثقافية أو الحقوقية..

وركز وزير العدل على انه و اعتبارا لأهمية العدل و منظومة العدالة ، فقد خصت الرؤية الملكية النيرة للملك محمد السادس، إصلاح هذه المنظومة ، مكان الصدارة في المشروع الحداثي الديموقراطي الذي تعرفه المملكة ،  و جَعَلَتْهُ في صلب الاوراش الإصلاحية الكبرى التي يقودها جلالته حفظه الله ، و هو ما تجسد في التنزيل الكامل للاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية و نقل اختصاصات رئاسة النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سنة 2017  ، تنزيلا لمقتضيات الباب السابع من الدستور الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة دستورية مستقلة عن السلطتين التشريعية و التنفيذية .

واضاف اوجار،  أننا اليوم  قطعنا أشواطا كثيرة على درب هذا الاصلاح الذي أنارت مسالكه الرؤية المستنيرة للملك محمد السادس ، بوضعها لأسسه، و تعبيدها لمساره، و تأمينها لحدوده، و ضمانها لنجاحه، و جَعْلِهَا تنطلق من المواطن كمطمح ،  و تنتهي إليه كغاية، و ما بين المطمح المشروع و الغاية المرجوة، تتموضع جهودنا و تتموقع أعمالنا، حيث تقاس بمقياس مصلحة المواطن، و تُوزَنُ بميزان مدى التفاني في خدمته."

وإعتبر وزير العدل، ان هذه "المرجعية المبدئية هي ما يكفل لنا، إنجاح مسلسل الاصلاح على شتى المستويات والصُّعُد، و هي بدون شك أو رَيْب ، محل إجماعنا و مربط توافقنا مهما اختلف تصورنا للوسائل الموصلة إلى بلوغ ذلك."

وقال اوجار، انه حينما يتحدث "عن منظومة العدالة، فالمحاماة حاضرة في مقدمة اهتماماتنا، إيمانا منا بأن العدالة بلا دفاعٍ حرٍّ ومسؤولٍ وكفءٍ ونزيهٍ، تبقى ناقصة البنيان ضعيفة الأداء والمصداقية."

وزاد اوجار، أن "نفس الايمان يغمرنا بأن الولوج إلى العدالة، حق مقدس يبدأ خيطه عند المواطن ،         و ينتهي عند الدفاع ، وما بين بداية الخيط و نهايته ، مساحة واسعة لنقاش رصين، نتطلع إلى مشاركة كل الفاعلين و المتدخلين لبلورته على أسس معقولة، و أرضية متماسكة ، نستكمل بها مشهد إصلاح المهن القانونية والقضائية و على رأسها مهنة المحاماة."

وشدد وزير العدل انه اكد غير ما مرة انه كوزير للعدل يتطلع  بمعونة هيئات المحامين، إلى التأسيس "لمنظور جديد تتبوأ فيه هذه المهنة المكانة اللائقة بها، لتتمكن من أداء الأدوار المنوطة بها في الدفاع عن الحقوق وحماية الحريات، وفق فلسفة تستحضر مصلحة المواطن و إكراهات العدالة، وتضمن الاستمرار في تطوير المهنة، تطويرا يحقق من جهة آمال المنتسبين إليها، و يكفل من جهة أخرى الأمن القضائي و الاصلاح المنشود."

وعبر أوجار عن إرتياحه كمواطن وكملاحظٍ مَعْنِيٍّ بشؤون المهنة  لما تبذله مؤسسة النقيب  بعدة هيئات ، وما تتخذه من قرارات تتوخى تنقية المهنة من سلوكات معينة ، و تحث على الانضباط بضوابط الوقار و حسن السمت و الالتزام بآداب المهنة وسلوكيات الدفاع التي تؤطرها النزاهة و المروءة والشرف والصدق في العمل ، وفي إسداء النصح و إبداء المشورة.

وتوقف أوجار عند محطة سنة 2019، التي ققال انه اكد مرارا انه سنة لمراجعة قوانين المهن القضائية وفي مقدمتها قانون مهنة المحاماة الذي نوليه عناية خاصة ونحرص حرصا استثنائيا على إخراجه في أقرب وقت وبالحلة اللائقة والإخراج المناسب الذي تتطلعون إليه بتشاور وشراكة مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب وكل السادة النقباء شركائنا في مسار الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، وإن إرادتنا قوية وعزمنا أكيد نحو إعداد مشروع قانون متطور وحداثي يستجيب للمتغيرات التي طرأت على الساحتين الوطنية والدولية، مشروع يعيد مَوْضَعَة المهنة في إطار متميز يتيح لها تفعيل مقتضيات الإصلاح والانخراط فيها، ويضمن لها مقومات الأداء الناجع وحَوْكَمَةَ تدبير شأنها على أساس توازن دقيق بين حقوق الدفاع وواجباته.

وعبر اوجار امام المحامين، عن استعداد الوزارة للإسراع بإخراج هذا القانون بتشاور معكم، فإني أتطلع باهتمام بالغ لما ستسفر عنه أشغال مؤتمركم هذا من توصيات و مخرجات ، أجدد لكم استعدادنا التام للتفاعل الإيجابي معها و تضمينها في صلب مشروع قانون المهنة و مشروع قانون المسطرة المدنية بما يضمن تطوير مهنة المحاماة ، و الارتقاء بها والدفع بخدماتها خطوات كبيرة إلى الأمام لتضطلع بأدوارها كاملة وعلى أحسن وجه داخل منظومة العدالة.

وزاد اوجار، إن إلتزامنا بتطوير مهنة المحاماة و الارتقاء بها لا يتوقف عند حدود التشريع فقط ، بل يتجاوزه لكل ما من شأنه أن يحفظ لهذه المهنة النبيلة شرفها و نبلها و مكانتها الاعتبارية في المجتمع ، و في هذا السياق والتزاما  بنفس النهج الذي درجت عليه  وزارة العدل، في إطار تواصلها الدائم مع السيد رئيس جمعية هيئات المحامين الأخ والصديق الاستاذ  النقيب عمر ويدرا و باقي السادة النقباء ، تلقينا مقترحا يرمي إلى  تعديل ما نص عليه مرسوم المساعدة القضائية من مبالغ تُدفع للمحامي المعين في إطار المساعدة القضائية.

وتقدم اوجار بشكره لكل المحاميات والمحامين "لما تقدمونه للمواطنات والمواطنين المعوزين الذين يتعذر عليهم الولوج إلى العدالة ، من خدمات جليلة و نبيلة في إطار المساعدة القضائية ، و هذا عَهْدُنَا فيكم دائما لما تتصفون به من نبل و شهامة و سمو و نكران ذات و بذل و عطاء لخدمة العدالة و خدمة هذه المهنة النبيلة."

 وأكد أوجار،  العويضات التي تدفع للمحامي ، "لا تعتبر بأي حال من الأحوال أتعابا يستحقها عن خدماته في إطار المساعدة القضائية، ، لأنها مبالغ هزيلة و ضعيفة و بعيدة كل البعد عما تستحقونه عن الخدمات التي تقدمونها  ، لكن و وعيا منا بأهمية الجانب المالي المرتبط بالمساعدة القضائية ، و دوره في تطوير مستوى الخدمات التي يتعين تقديمها للمتقاضين ، فإننا لم نتوان في الوزارة لاعتماد المقترح المقدم من طرف جمعية هيئات المحامين بالمغرب كأرضية للنقاش والتفاوض مع وزارة الاقتصاد والمالية."

وإلتزم وزير العدل بالعمل من أجل إنهاء النقاش و التفاوض مع الجهات المختصة بخصوص هذا الموضوع في أقرب الآجال الممكنة ، و الخروج بصيغة تسهم  في تطوير نظام المساعدة القضائية من كافة الأوجه ماديا و معنويا..

وبشر اوجار المحامين بأنه سيتم الإعلان قريبا عن القرار المشترك بين وزير العدل و وزير الاقتصاد والمالية بتحديد مبالغ جديدة تخصص للمحامي في إطار المساعدة القضائية؛ فالمساعدة بِرٌّ و البِـــرُّ لا يَبْلَى و لا يُكافَأُ بالنُّكران.

وسرد اوجار، مشروع "منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم " الذي سيمكن من تحقيق جملة من الاهداف من ضمنها:

-منح السيدات المحاميات و السادة المحامين إمكانية التوفر على مكتب افتراضي لتدبير القضايا عن طريق فتح حساب على المنصة، لمن رغب في الاستفادة من ذلك؛

-استعمال حساب مؤمن بقن سري والولوج إليه بعد تأكيد الهوية؛

 -تسجيل الدعوى وتقديم المقالات والمذكرات ومختلف الطلبات والعرائض ومرفقاتها أمام كافة محاكم المملكة عن بعد مع الأداء الإلكتروني والحصول على الوثائق المثبتة لذلك؛

-التبادل الإلكتروني للوثائق مع المحكمة و تأكيد صحتها بواسطة التوقيع الإلكتروني؛

-الأرشفة الإلكترونية لمساعدة السيدات والسادة المحامين على تخزين أتوماتيكي لملفاتهم والإطلاع عليها أنى كانوا وحيثما وجدوا؛

- التوصل اختياريا بالتبليغات والإشعارات الإلكترونية، في انتظار اعتماد هذه الآلية رسميا من طرف المشرع في مشروع قانون المسطرة المدنية.

ومواكبة لهذا المشروع من الناحية التشريعية، فقد تم إدراج مقتضيات بمشروع قانون المسطرة المدنية ، تكرس اعتماد الرقمنة فيما يخص علاقة السادة المحامين مع المحاكم في تدبير الدعاوى وتبادل المذكرات والتبليغ، وغير ذلك من الإجراءات.

وللاستئناس بهذه التجربة والتعريف بها ، فقد سطرت الوزارة برنامجا تواصليا للتعريف بالمنصة بعد تثبيتها وتجريبها وتفعيلها على مستوى المحاكم النموذجية ومكاتب السادة المحامين المتطوعين بالبيضاء.

وتم عقد عدة ندوات في الموضوع منها :

- الندوة الدولية حول "أتمتة العمل القضائي رافعة لدعم مناخ الاعمال" حضرها العديد من  النقباء وممثلو مختلف هيئات المحامين و مسؤولون قضائيون.

- ندوات جهوية للتعريف ب"منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم " بشراكة مع اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال و هيئات المحامين ،  في كل من الدارالبيضاء و مراكش و تطوان و طنجة و عرفت مشاركة فعالة لفئة محامي الأعمال.

وموازاة مع الندوات المذكورة، فقد تم تنظيم ورشات تكوينية لفائدة السادة المحامين من مختلف الهيئات، للتدريب على حسن استغلال وظائف المنصة، وكيفية التسجيل فيها والحصول على القن السري والتدرب على توجيه المقالات والجواب عليها الكترونيا ، بلغ عدد المستفيدين منها حوالي 600 محام ، من هيئات الدار البيضاء و القنيطرة  و مراكش و أكادير و العيون و كلميم و تطوان .

واستكمالا للبرنامج المسطر، سيتم تنظيم دورات تكوينية مكملة وندوات تحسيسية بالجهات المتبقية.

و الأكيد أن كل هذه الجهود  تصب في اتجاه تمكين المحامي من أدوات فعالة لترشيد الوقت، وتدقيق الأهداف، وضمان الشفافية، وتأمين النجاعة في التعامل مع المحاكم التي يشكل الزمن معطى أساسيا فيها يتعين مراعاته لارتباطه بحقوق التقاضي، وبضرورة الحصول على أحكام عادلة داخل آجال معقولة.

و انطلاقا من علاقة القربى و الرحم التي تجمع المحاماة  بالقضاء باعتبارهما أفرادا في أسرة واحدة،  فقد تم إشراك هيئات المحامين في معالجة مختلف صعوبات سير العمل بالمحاكم عن طريق مأسسة عمل اللجان الثلاثية ، و ذلك بالتنصيص في المادة 18 من مشروع قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 على إحداث "لجنة بحث صعوبات سير العمل بالمحكمة" على صعيد كل محكمة،  تضم في عضويتها، إلى جانب المسؤولين القضائيين والإداريين بها، نقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله.

إن الهاجس الذي كان يركبنا ، و الباعث الذي كان يحركنا لتوفير فضاءات تليق بحرمة القضاء و باستقبال مرتفقيه، هو نفسه الهاجس الذي يجعلنا ملتزمين بمواكبة مسلسل تشييد مقرات خاصة بهيئات المحامين ، تحفظ للمهنة رونقها، و لمؤسسة النقيب و ضعها القانوني و الاعتباري، فهي ترجمة للمنظار الذي ننظر من خلاله إلى مهنة الدفاع الشريفة، وقد تمكننا بفضل من الله تقديم ما يلزم من دعم لعدة هيئات نذكر منها هيئات سطات و الناظور و القنيطرة و خريبكة و تطوان ، و لن نتوان في تقديم كل أشكال الدعم و المواكبة لكل الهيئات للوصول إلى الغايات المرجوة .

و فيما يرتبط بالتكوين والتدريب ، و تنفيذا لاتفاقية التعاون المبرمة بين الوزارة  و هيئات المحامين، استقبل  المعهد العالي للقضاء خلال سنة 2018 بالإضافة الى الانشطة المبرمجة بدار المحامي، عددا مهما من المحامين المتمرنين على دفعات لتلقي دورات تكوينية تهم مجالات قانونية متعددة ، من قبيل مستجدات قانون التحفيظ العقاري ، و مستجدات قانون المسطرة المدنية ، و إجراءات التنفيذ ، فضلا عن ورشات للتعريف بقانون المهنة و تقاليدها و أعرافها ، و هي دورات استفاد منها 720 محاميا متمرنا .

وعبر أوجار عن الطموح في "أن يصير هذا التوجه مؤسساتيا في إطار تصورنا المستقبلي الشامل لمنظومة التكوين والتأطير التي ستشتغل عليها الوزارة وفق معايير متقدمة تسعى إلى إعداد المورد البشري الكفء الجدير باستحقاق ولوج منظومة العدالة."