محمد بهضوض: دردشة رمضانية (10/30)

الدين (1/3)
***
الأسطورة

الأسطورة هي حديث عن الإنسان. بمعنى، أنها عبارة عن كلام او خطاب (أسماه القرآن ب. "أساطير الأولين") يحكي عن بداية هذا الانسان، وكيف تم خلقه، وصراعه مع الطبيعة والوحوش والآلهة والكائنات الماورائية.

وهو خطاب عرفته كل الشعوب، بشكل أو آخر، كما أثبته علم الإناسة (الانثربولوجيا). ويعكس في جوهره، المحاولات الأولى للإنسان العاقل لفهم ذاته وما يحيط به من عوالم، وإصباغ المعنى عليها.

وهي المحاولات التي كانت، ومازالت، موضوع بحث ودراسة. بدأها اليونانيون، الذين قادهم نقدهم لأساطيرهم إلى إنشاء الخطابة والفلسفة، وواصل ذلك أهل التوحيد باعتبارهم الأساطير مجرد خرافات الأولين.

بيد أن الدراسات العلمية للأسطورة لم تظهر عمليا إلا خلال القرن 19. حيث أظهر العلم مدى تهافت المنطق الأسطوري، كما أوضح علم الاجتماع والانثربولوجيا الدور الاجتماعي والثقافي لهذا المنطق في حياة المجتمعات.

ومهما يكن، فما أكدته كل البحوث العلمية وأثبته التاريخ/الواقع، أن الانسان هو كائن مادي وروحي، عقلاني ولاعقلاني، علمي واسطوري، في ذات الوقت. ما دل عليه، مثلا، كتاب "الأساطير الحديثة" لرولان بارث.

وهو الكتاب الذي يقول لنا أنه لا يعرى الإنسان، حتى الحديث، من أسطورة. وهذا ما أكدته، من جهتها، فلسفة ما بعد الحداثة و التفكيك، التي أعادت الاعتبار للأسطورة (والدين والاعتقاد والخيال) باعتبارها من أبعاد الإنسان.

وكل ما هناك، حسب هذا الفهم، أن مفهوم الأسطورة يتغير مع الزمان. كان بالأمس يتجسد في حكايات "الشامان" ورجال السحر والدين ، فأضحى اليوم يتجسد في الأيديولوجيا و الدولة والعلم والتقنية والتكنولوجيا وما إليه.

ما خلاصته، أن" من يخل منكم من أسطورة فليرجمني بحجر"!