محمد بهضوض: دردشة رمضانية (13/30)

محمد بهضوض

السياسة (1/3)

*

السياسة

 

السياسة لها علاقة تاريخية بالدين. وذلك على الأقل منذ الثورة الزراعية قبل نحو 10 آلاف سنة، حين بدأت البشرية في الانتقال، كما ذكر، من حالة الشتات  إلى حالة الاستقرار في المدن والامبراطوريات.

 

ومن هنا لفظ "السياسة"، الذي يفيد "التحضر"، أي  تنظيم أو ممارسة السلطة او الحكم في مجتمع معين. ومن تم القدرة على تحويل التنافر البشري إلى توافق أو الشتات الى جمع، بهدف تحقيق مشروع معين.

 

هذا ما حاولت السياسة تحقيقه، في الماضي والحاضر. حيث تجسدت في نظم سياسية عدة (استبدادية، تيوقراطية،  ديموقراطية، ليبرالية، اشتراكية، فاشية..)، مستعملة  في سبيل ذلك مقاربات أو أساليب عدة.

 

وهي أساليب تطورت  عبر الزمان، مثل: استغلال الدين (الإمبراطور الإله،  الحق الإلهي)، والغلبة والقهر، والتقاليد والأعراف (سلطة الجماعة)، والحيل، والقانون، والايديولوجيات، والانتخابات، والدعاية والاعلام، الخ.

 

والسؤال: هل تم، نتيجته، حل مشكلة تنظيم السلطة وتحويل التنافر البشري الى وحدة؟ المسألة فيها نظر، حيث ثمة مكتسبات تحققت بشأن ذلك، دون شك. لكن، مازالت السياسة هي السياسة، بأهواءها وتقلباتها ومخاطرها.

 

لتفسير ذلك، ظهرت نظريتان: الأولى تقول  إن "البشر متنافرون في الأصل"، ووجب لجمهم أو حكمهم بالقوة أو الحيلة أو العقل. والثانية تقول إن  "البشر طيبون في الأصل"، والأفضل تركهم يسوسون أمورهم بأنفسهم.

 

 لكن، على المستوى التطبيقي، ظهر أن مسالة تنظيم السلطة أكثر تعقيدا. حيث إن جل المشاكل التي عرفها العالم ذات طبيعة سياسية، لعل أبرزها  مسألة الحكم، التي يبدو أن حدتها بدأت تتصاعد، إلى حد الحديث عن مخاطر "اللاحكم".

 

  ما دفع بعضهم  إلى طرح فكرة "ما بعد السياسة"، التي تعني ضرورة  تغيير السياسة الكلاسيكية بسياسة أخرى.  ما هي؟ المقترحات كثيرة، لكن (...).