محمد بهضوض: دردشة رمضانية (15/30)

السياسة (3/3)

الديموقراطية

 

اذا كانت السياسة  وأداتها الدولة في محنة، فإن الديموقراطية، كأفضل نظام ربما  ارتبط بهما، على رأي تشرشل، أضحت تطرح اليوم أسئلة كبرى. لعل أهمها ما يتعلق بمسألة الحكم وإدارة الاختلاف في مجتمع معين.

وفي هذا الصدد، إذا اعتبرنا أن الديموقراطية تعريفا هي "حكم  الأكثرية" أو "حكم الشعب للشعب بواسطة الشعب"، فهذا يفيد بأن الأكثرية المتمثلة في الشعب هي التي يجب أن تحكم وتدبر  أمورها بنفسها.   

وهي فكرة ظهرت في اليونان خلال القرن 4 ق.م. بل وتمت ممارستها هناك لمدة قصيرة (حوالي 75 سنة)، قبل أن تنمحي لتعود للظهور قرونا بعد ذلك، أي  منذ القرن 18، في الغرب، وبعده في عدد من دول المعمور.

لكن هذه العودة لم تكن سهلة. حيث وجدت الدول  صعوبة  في تبني "الديموقراطية المباشرة"، كما تجددت نظرياتها مع أفكار الإرادة العامة والعقد الاجتماعي (ج.ج.روسو). ما قاد الى تبني "الديموقراطية التمثيلية".

وهو ما اقتصر طويلا  على بعض الدول الغربية فحسب، قبل أن تلتحق بها دول أخرى في موجات متتالية، لاسيما بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار جدار برلين. ما جعل ف. فوكوياما يتحدث عن انتصار الديموقراطية الليبرالية. 

 لكن إذا كان النظام الديموقراطي قد أبان عن فعاليته، دون شك، مقارنة مع النظم الأخرى (الشيوعية، المازية، الفاشية، السلطوية..)، فإن التحديات، المحلية والعالمية، أبانت أيضا عن اختلالاته، المرتبطة بالنظام الرأسمالي.

 والمقلق هنا، هو التراجع التدريجي للديمقراطية في الدول الغربية ذاتها. وهذا مقابل ازدهار تيارات المحافظة  والشعبوية (ترامب، اوربان...)، مع الحنين الى "الديموقراطية  الموجهة"، بله الى الحكم السلطوي.

ومن هنا السؤال: اذا  كان النظام الديموقراطي قد عودنا على  استيعاب اختلالاته وتناقضاته. فهل يا ترى مازال اليوم في مقدوره ذلك، أم أنه انتهى، على غرار النظام الاشتراكي، والمستقبل أضحى في مهب الريح؟