رأي

علي الزحاف: البحث عن حالة تحرش

وأنا جالس في مقهاي المعتاد ، أقرأ تدوينات الأصدقاء، أرقن على شاشة هاتفي بعض الملاحظات ، أو أكتب ما يخطر في بالي من أفكار قبل أن تطويها يد النسيان، كنت أرفع عيني من حين لآخر، أتأمل ما حولي... قبالتي إمرأة/فتاة ، أحسست أنها تتربص بنظراتي..كلما رفعت رأسي رمقتني شزرا..أعود إلى شاشة الهاتف ، أكتب ..وحين أرفع رأسي أجدها متربصة بنظراتها العدوانية...كأنها تتصيد أية إشارة أو نظرة قد  تؤخذ  على غير ما لا تحتمله...
أعود مرة أخرى للكتابة على شاشة الهاتف، حين تتعب عيني، أرفعهما من على الشاشة لأريحهما قليلا..أجد نفس المرأة/الفتاة متربصة بنظراتها الغريبة...لكنها هذه المرة لم تكتف بالخنزرة العدوانية..وإنما هزت رأسها ،وسعت عينيها وحركت يدها اليمنى بما يعني :مالك/ماذا بك؟...
وبما أنني لم أكن مهتما بها أصلا..عدت إلى ما أكتب..وتركتها تحرك رأسها يمينا ويسارا كما تشاء، وتنظر حولها كأنها تبحث عن شاهد ما يشهد معها عن جريمة مفترضة تسكن فقط باطن خيالها المريض.
حين أنهيت ما أكتب، وضعت شاشة الهاتف على الطاولة ، أشعلت سيجارة ، ورحت أرتشف من فنجان قهوتي وأنظر إلى اللاشيء.
ساقني الفضول مرة أخرى ، إلى الإلتفات نحو المرأة/الفتاة ، كانت تخاطب صديقتها بعصبية فضحتها حركات يديها وتقلصات شفتيها و ملامح وجهها..
أخرجت هاتفها وصرخت فيه : "تفو متقدرش حتى تجلس في مقهى..كلشي كيتحرش بك بالشوفان"..
نظرت صديقتها حولها ، وكأنها أحست بإحراج مما تلفظت به صديقتها وهي تحدث شخصا ما على الهاتف.طلبت منها أن تتحدث بهدوء: "بشوية راحنا جالسين فالقهوة..الناس كيسمعونا"..
ألقت المرأة /الفتاة هاتفها بصلافة على الطاولة...ودارت بعينيها في أرجاء ساحة المقهى،كأنها ذئبة تفتش عن فريسة...بينما اكتفت صديقتها بالنظر نحوي وهي تبتسم،كانت خجلانة كما يبدو من تصرفات جليستها ،وحركاتها الهستيرية  غير المبررة إزاء رواد المقهى ،الذين كانوا غارقين في أحاديثهم ، أو مثلي ، يوزعون وقتهم بين  الحديث مع من معهم ،أو تأمل شاشات هواتفهم و تدخين سيجارة...
المشكلة أن الفتاة/المرأة كانت رجولية الملامح،تفتقر إلى الحد الأدنى من مقاييس الجمال العادية ، التي يمكن أن تجتذب اهتمام رجل ، بينما صديقتها،التي احمرت خجلا وانزعجت  من سلوكات صديقتها الغريبة ،وعدوانيتها غير المبررة ، كانت جميلة وهادئة مثل ملاك..
كذلك يحدث في بلدي ، حين تُؤخذ القوانين  من مؤخراتها...