رأي

عادل الزبيري: الحشاشون.. المستعمرون الجدد في أصيلة

في المدينة القديمة في مدينة أصيلة، في شمال المغرب، على المحيط الأطلسي، تتواجد قلعة تاريخية، نجح مستعمرون جدد في الانفراد بها، هم الحشاشون المدمنون القاصرون

ففي زقاق اسمه أفلاد، في المدينة الزيلاشية القديمة، يتواجد وكر للحشاشين، لا يغادرونه إلا ليعودوا إليه من جديد، درجات باب منزل

فلا يمكن أن أزور المكان، في زيارة إلى العائلة، طيلة السنة، إلا ووجدت المكان سيء الذكر، مستعمرا من القاصرين او اليافعين او المدمنين من الحشاشين

ولما تطالبهم بالرحيل لأنهم مزعجون، فلرائحة الدخان مطلقون، وللضجيج صانعون، وبالكلام السفيه منطلقون، يجيبون بكل وقاحة وسفالة؛ هذه مستعمرتنا، ونحن هنا أحرار

وهنا أستغرب لغة الصمت الممارسة، تجاه المدينة العتيقة في مدينة أصيلة، ما ساعد في تسليم المكان للحشاشين الجدد

أومن بحرية كل فرد في ممارسة ما يريد وتعاطي ما يريد، ولكن أنا ضد إلحاق الضرر بالآخر، لما يمارس أي كان إدمانه، والمؤسف أن عقال الأعراف الاجتماعية وتقاليد حسن الجوار، انهارت بشكل نهائي

ففي الصيف الماضي، في ليلة من غشت، كاول حشاش الاعتداء جسديا علي، لأنه يتعبر أن المكان مسجل في اسمه، فمنذ الصغر يتحشش بكل حرية، فمن أكون لأطالبه بالرحيل، فأنا من يتوجب علي الرحيل حسب وجهة نظره

أعترف أن سكان المكان وزواره، يعانون من ضراوة الحشاشين من الشباب الساقط في الإدمان

في زقاق أفلاد، باع سفير سويسري سابق منزله، بعد ان اشترى بيتا قديما متهاويا، وعمره بشكل جميل وحوله إلى قصر جميل، لكن هجوم المدمنين الملقبين محليا بمصطلح "جناكا"، والحشاشين دفعه لهجر أصيلة والاتجاه صوب طنجة المغربية

وفي نفس الزقاق، يتواجد منزل سيدة بلجيكية، تأتي صيفا، باتت تعيش ليالي خوف من الساهرين من القاصرين من الحشاشين على إزعاجها عن قصد، وعن سبق إصرار وترصد

فكل الجنسيات الأوروبية التي وقعت في حب أصيلة، سقطت في جحيم يتسبب فيه الحشاشون، وسط سيادة الصمت

يعيش غالبية الشباب في أصيلة فراغا قاتلا، كما أعايشه، وسط غياب للرقابة الأسرية، كما كان سابقا، وضعفا في الإمكانيات البشرية واللوجيستيكية للشرطة، للتمكن من تغطية حاجيات بلدة تحولت إلى مدينة كبيرة بأحياء سكنية لا تتوقف فيها حركية العقار

بعد أن قضيت شهر 8، من العام الماضي، في البلدة القديمة لمدينة أصيلة، وأعترف أنني بت أفكر جديا في الرحيل عن أصيلة نهائيا، كزائر وسائح؛ لأن الصمت لغة يتداولها الجميع، ويعزف على أوتارها الجميع

أستغرب وقوف سيارة الشرطة، في باب القصبة، كل ليلة، في مشهد أمني جميل، فيما تغيب دوريات راجلة، تقتحم المدينة العتيقة في أصيلة، نهارا وليلا، من أجل تأمين الساكنين والسائحين الزائرين

لا يمكن قبول أن الشرطة لا تمشط المدينة العتيقة لأصيلة، إلا لما تكون هنالك شكاية!

ولا يمكنني إنكار التجاوب الإيجابي في الصيف الماضي، لعناصر الشرطة في مدينة أصيلة، فخف استعمار الحشاشين، ولكن لما ايتقرت ليالي الشتاء، عادوا إلى سيرتهم الأولى وأكثر ضراوة

أعتقد أن الفراغ وغياب الأفق واستقالة الوالدين والجيران والأسرة والمدرسة أسباب تزيد من انتشار نيران الإدمان في أجساد طرية زيلاشية مغربية

والواقع يكشف أن أصيلة تفقد زوارها وسياحها، لأن المدمنين هيمنوا على القلعة التاريخية، يتحدون الجميع؛ فأصيلة لم تعد بلدة صغيرة، بل مدينة سياحية طيلة السنة، لها عشاقها من المغاربة والأوروبيين، وأخيرا الصينيون

تحتاج أصيلة إلى مقاربة غير مسبوقة، من أجل إيقاف استعمار الحشاشين المدمنين، لزقاقات ونهارات وليالي، المدينة التاريخية والقديمة

ومدينة أصيلة، في قرائتي، بدون قلعتها التاريخية؛ لا مستقبل سياحي ولا تنموي ممكن لها، لأنها بلدة خدماتية معيشية، تعيش سباتا شتويا طويلا، لا يبصمه إلا حراك اقتصادي للعقار، لا يهدأ،  مع بعض المطاعم على أصابع اليد الواحدة، وجولات سبت وأحد قصيرة زمنيا، وبين الوقت المتباعد والآخر،  لسياح أجانب

ولا تستيقظ أصيلة إلا صيفا، لاستقبال زوارها، فيما كثر من أبناءها هجروها صوب السياحة الصيفية في جنوب إسبانيا، بينما عشاقها يواصلون معاناتهم مع الحشاشين المستعمرين

وعلامة استفهمار كبيرة، أين الأسرة أمام تفشي الإدمان وسط اليافعين وصغار السن؟ وأين سكان القلعة التاريخية لأصيلة للتصدي الجماعي لهذه الظاهرة الكارثية؟ وهل الصمت بات سيد المكان لوحده؟

الكتابة صراخا من أجل أصيلة، هو إعلان حب لمكان جميل، يمكنه أن يكون أفضل من اليوم، ولكن للأسف الشديد، الحشاشون المستعمرون الجدد يقدمون خدمة سيئة الذكر، تمارس طردا جماعيا ومتتاليا ووسط صمت للسياح المغاربة والأجانب

فهل من مجيب لهذا النداء؟؟؟