مجتمع وحوداث

ندوة: “التنمية المستدامة وإكراهات دول الجنوب”

كفى بريس

أكد المشاركون في ندوة افتتحت أشغالها، الاثنين في أصيلة، أنه لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بدون ضمان السلم والاستقرار، وذلك في إطار الدورة الـ 41 لموسم أصيلة الثقافي الدولي المنظم خلال الفترة ما بين 21 يونيو إلى 17 يوليوز المقبل تحت رعاية الملك محمد السادس.

وتحاول هذه الندوة، المنظمة على مدى يومين بشراكة مع مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات)، حول موضوع “التنمية المستدامة وإكراهات دول الجنوب”، الإسهام في المناقشات حول السبل المثلى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2015.

وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس مركز العلاقات الدولية والتنمية المستدامة، ووزير الشؤون الخارجية الصربي السابق، فيوك جيرميكش، أن النواقص التي يسجلها تنفيذ هذه الأهداف في بلدان الجنوب، لا يرجع أساسا إلى الافتقار للإرادة السياسية.

وأشار جيرميك إلى نموذج المملكة المغربية التي تعتبر البلد الوحيد الذي اتخذ التزامات سياسة وطنية لاحتواء الاحتباس الحراري في أقل من 1.5 درجة مئوية، مضيفا أن المغرب هو ثاني بلد يتجه نحو تحقيق أهداف التقليص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وسجل كذلك أن المغرب يتجه نحو تحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة (الطاقة النظيفة)، مبرزا أن أكثر من نصف حاجياته من الكهرباء سيتم توليدها بواسطة مصادر الطاقة المتجددة في أفق سنة 2030، وذلك بفضل مشروع استراتيجي يروم بناء شبكة واسعة من محطات الطاقة الشمسية.

وأشار المسؤول الصربي السابق، أيضا، إلى التزام المغرب بتنفيذ الهدف السادس (الماء الصالح للشرب والتطهير)، والذي اقتربت المملكة من تحقيقه بفضل تشييد العديد من محطات تحلية المياه وقنوات نقل الماء الصالح للشرب في الجنوب.

وقال إن المغرب يبرهن على أن الالتزام السياسي الوطني القوي هو أمر لا محيد عنه لتنفيذ أجندة 2030 في دول الجنوب.

من جانبه، أكد الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس، على أهمية السلم والأمن من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى ضرورة معالجة أهم القضايا السياسية التي تعيق عملية التنمية، معتبرا أن التركيز على هدف واحد دون غيره سيكون خطأ منهجيا.

وبخصوص تمويل أجندة 2030، أكد د موراتينوس أنها مسؤولية مشتركة تهم كل القطاعات معا، مشددا في نفس الوقت على تضامن الدول المتقدمة مع دول الجنوب، وعلى الشراكة بين الجانبين.

وأكد الممثل الأممي السامي على ضرورة إرساء آليات للعيش معا في إطار تحالف الحضارات، بغية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

من جهته، تسائل وزير خارجية الرأس الأخضر السابق، فكتور بورغيس، عن ما إذا كانت القوى الاقتصادية أوفت بالتزاماتها المالية من أجل تنفيذ أجندة 2030، وإذا ما كانت الالتزامات التي تم اتخاذها تمثل إرادة مؤسسية حقيقية لكل من دول الشمال والجنوب، مشيرا إلى الالتزامات المالية السابقة التي لم يتم الوفاء بها.

واعتبر بورغيس أن المساعدات لن تحل إشكالية تمويل التنمية، معتبرا أن التحدي الذي تواجهه بلدان الجنوب يتجلى في تعبئة الموارد الداخلية، مع التحكم واستغلال وتثمين الموارد الطبيعية.

كما أشار إلى الحاجة الملحة لدول الجنوب، لاسيما في إفريقيا، إلى تعزيز قدراتها الوطنية من أجل التحكم في عملية تنميتها.

من جانبه، سلط وزير الشؤون الخارجية الكيني السابق، رفائيل طوجو، الضوء على أهمية الاستثمار في الثروة البشرية التي تزخر بها دول الجنوب، مسجلا أن التوفر على يد عاملة متعلمة ومكونة وذات مؤهلات تقنية وعلمية عالية هو من بين المحركات الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

واعتبر طوجو أن النهوض بالتعليم والتكوين يمكن من فتح آفاق جديدة وأوسع لشباب دول الجنوب، تثنيهم عن التفكير بالمغامرة بحياتهم وسلامتهم من أجل العبور إلى الضفة الأخرى.

كما أبرز المسؤول الكيني السابق العلاقة الوطيدة التي تربط بين التنمية والسلم، موضحا أن توفير شروط العيش اللائقة للساكنة، والشروط الكفيلة لكي يتمكن الشباب من تحقيق طموحاته، يعزز أمن واستقرار بلدان الجنوب، وفي نفس الوقت، إذا لم تتوفر هذه الدول على مناخ مستقر وسلمي، فيصعب تحقيق أهداف التنمية.

من جهته، اعتبر الوزير وسفير المغرب السابق برومانيا، حسن أبو أيوب، أن الوضعية السياسة والأمنية لدول الجنوب ستلعب دورا أساسيا قي قدرتها على النجاح أو الفشل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأوضح أبو أيوب، أنه نظرا للأوضاع السياسية الحالية التي تعيشها مجموعة من دول الجنوب، لاسيما معضلة “الدول الفاشلة” في القارة الإفريقية، فإنه من المستبعد أن يتمكن المجتمع الدولي من تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق سنة 2030.

وأضاف أن التكتلات الجهوية يمكنها أن تكون الحل لتخطي عجز بعض الدول على القيام بوظائفها الرئيسية، وبالتالي مساعدتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وحاول المشاركون خلال هذه الندوة الإجابة على إشكاليات تتعلق بوفاء القوى الاقتصادية والسياسية الكبرى بتعهداتها، وبالدور الذي اضطلعت به الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها في تعبئة الموارد والخبرات اللازمة، وبمسؤولية الدول المنخرطة في تنفيذ الأجندة الأممية في تأهيل بنياتها ومؤسساتها، ومواردها البشرية.