على باب الله

أبكوا على حزب لم تحافظوا عليه كالرجال...

المصطفى كنيت

لم تفرح فساتين "البام" بصعود حكيم بنشماس إلى قمرة القيادة، ولن تبكي عليه، و قد وقف في وسط الطريق مودعا الحزب.

و لن يمسح إلياس العماري دموعه، فهو أيضا يبكي حزبا لم يحافظ عليه، و سيبكيان، ندما، على إضاعة " الأصالة والمعاصرة" معا، و يعتليان صخرة تطل على المتوسط مرددين الموشح الأندلسي الشهير: " لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس".

نعم، خلسة المختلس، و رغم أن لا علاقة للكلمتين بـ "الاختلاس"، فإنهما تجدان معناهما في سياق حرب " مليارات الحزب"، التي تعددت الروايات بشأنها، من دون أن يفصح أحد عن الذي استولى على كل تلك المبالغ لحسابه، خاصة وأن علامات الثراء الفاحش، ظهرت على كل من ركبوا سفينة "إلياس" من المقربين إليه، الذين استقدمهم لشد عضده، حين نزع دفة القيادة من مصطفى الباكوري، ظلما وعدوانا.

غير أن السفينة، كما شاء القدر، لم ترس على بر الآمان، بل ظلت تتقاذفها الأنواء والأهواء، فألقت العواصف بإلياس في اليم، ولا يزال يغرق.

و ها هو خلفه يكاد يلاقي نفس المصير...إنها، فقط، مسألة وقت.

فلا شيء سيسعف "الحكيم" من الغرق، ولا أحد بمقدوره أن ينجيه من هذا القدر المحتوم، الذي يبدو أنه مكتوب في اللوح المحفوظ، خاصة وأن الزلات التي جمعها في سجله: " لتنوء بالعصبة أولي القوة"، فقد بغى الرجل وتجبّر ثم تكبّر، فشرع يطرد ذات اليمين وذات الشمال.

و لأن أيام "الباكور" معدودة، فقد تعجّل بنشماس أمره، و أراد أن يحسم "المعركة" في سبعة أيام، لكنها استمرت شهورا، و لن تنتهي إلا بقطف رأسه من الأمانة العامة للحزب كما تُجنى التينة من الكرْمة.

و كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:

وأين ما حازه قارون من ذهب /// وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟

أتى على الكُل أمر لا مَرد له  /// حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا

أو كما يقول المثل المغربي: " لي جات جمالو  تيرحل".