على باب الله

ذرية إلياس... لا عليهم السلام

المصطفى كنيت

كما هوى نجم إلياس، و تلك سنة الحياة، لا بد  أن تخبو أضواء أصدقائه الذين استقدمهم من كل فج عميق، ليصبحوا "مصابيح" في عالم السياسة وفي عالم الرياضة، وفي عالم الاقتصاد، قبل ان يذهب الله بنورهم جميعا، و يطفئ قنديل بنكيران، الذي كان إلياس يبرر وجوده بمحاربته.

و لمنْ أراد أن يفهم هذه الحكاية ما عليه إلا ان يقرأ قصة "الشيطان" لجبران خليل جبران، و سيكون ممتعا ان تستمتعوا بهذه القراءة، كي تصلوا إلى خلاصة أن إلياس وبنكيران معا، وجهان لعملة واحدة، و إن كان كل منهما يعمل على شاكلته.

و من باب الإيضاح نذّكر بأن صعود بنشماس الى رئاسة الغرفة الثانية من البرلمان، و احتلال لقجع لرئاسة جامعة رياضة، لا علاقة له بها، ما كان ليتحقق لهما، إلا بعد أن عبّد لهما إلياس كل السبل، ومع ذلك لم يفز بنشماس بالرئاسة إلا في الدور الثاني أو الثالث بفارق صوت واحد عن منافسه عبد الصمد قيوح، و تعطّل انتخاب المكتب الجامعي، حتى كادت تتدخل "الفيفا".

و لم أكن اعلم أن طموح بنشماش الذي جمعتني به عشاءات كثيرة، بحضور إلياس، أحيانا، يتجاوز أن يصبح رئيس مقاطعة أو على الأكثر برلمانيا، و حين تحقق له ذلك، و أردت أن أسأله في إحدى العشاءات، كيف نجح في البرلمان، أوعز لي إلياس بالسكوت... و كنا معا نعرف ماذا جرى.

و بما أن المجالس أمانات، فإني اكتفي بهذا القدر، و لا داعي للتفاصيل التي يسكن فيها الشيطان، ليس شيطان جبران و لكن شيطان السياسة وشيطان الرياضة.

أما القجع فلم يسبق لي أن التقيته، ولو مرة واحدة، ولكني أعلم علم اليقين أنه من نفس الذرية، التي حظيت بالدفع أكثر من اللازم، في سيناريو محبوك، كان إلياس يريد، من خلاله أن يبسط يده على الرياضة، غير أن اليد التي وضعها على الكرة، غُلت إلى عًنق صاحبها، بعد الانتكاسات المتتالية للمنتخب الوطني، و زُم فمه، بعد أن "جحظت عيناه" حتى كادت فرائص برلمانيي الأمة، ترتعد منه، يوم جاء إلى القبة من أجل تقديم عرض على الميزانية.

لكن  الكرة الملعونة التي يسميها المغاربة "الجلدة"، لم تلهم لقجع، كما ألهمت الشاعر المصري، أحمد نديم ( مدير مدرسة المغرب العربي بالرباط في بداية ستينيات القرن الماضي).

و كان بودنا أن نسمع لقجع يغني مقلدا الصوت الشجي لأحمد الغرباوي

أنا روح في الربى أشدو بلحني
وهي نفس ذات أحلام وحسن
قد سباها ما سباني في تمني
وهواها من هوى أنغام فني...

لكن للأسف الشديد فإن الكرة لم تلهمه

وسيتحول إلى مجرد ذكرى، لكن ليس على مر الزمن.

و كما كتب جبران خليل جبران: " و ما الذكرى إلا ورقة خريف ما تكاد ترتعش في الهواء هنيهة حتى تكفن بالتراب دهرا".