رأي

عبدالله الساورة: ملعون أبو الفقر

سألت الغنى مرارا لماذا لا تحب الفقر ؟ أجاب كمن يتهرب من الجواب بنصف الجواب..إنه أجرب..متمرغ في الأوحال.. مبتذل تمام الإبتذال. قلت له أليس حال الفقر حال القناعة والرضى بالنفس؟
تمدد  في أريكته.. صمت طويلا..وسرح في نوم عميق...
رأيت  بأم عيني خلال سنوات قريبة كيف تحولت فنانة  كان الفقر يأكل  نصفها وبقدرة الأقدار إلى مالكة  للفنادق والفيلات والأرصدة.. نفخت كثيرا في شفاهها وفي صدرها وأردافها و ما تبقى من خصرها...قالت قولتها ..إن فقير الجسد فقيران... ومضت.. لم أستوعب في الحقيقة مقولتها حتى وجدت أحد الفلاسفة يتحدث عن فقره المدقع ورغم كونه عاش غنى الفكر مات فقيرا لم يجد سوى صديقين له حملاه إلى مثواه الأخير...
في بؤس الفقر  رأيت بأم عيني جماعة فقراء وهم  يشكرون القدير أن انتشلهم  من دار الفقر إلى دار الغنى  وأزالت هذه  الجماعة لحاها وجلابيبها  وصنادلها وتحولت في فجر السياسة وبيع الوهم الديني وصكوك الغفران إلى  أغنياء بسيارتهم الفارهة.. وحينما سنحت الفرصة ذات صيف قلت لصديقي الذي أزال لحيته جملة وتفصيلا وتأبط هنداما رفيعا يرفع من مقامه وقامته..سألته هل الفقر ملعون أم الغنى ملعون؟ نظر إلي.. تطلع إلي.. ومضى على وجل...غير راغب حتى في التذكر..أيقنت بعدها أن الفقر ملعون وغادر...
في هذا الصباح لم أكن لأكتب هذه الجمل لولا أنني استمعت لأغنية بعثها صديق لي بعنوان: " ملعون أبو الفقر"... وتلك حكاية أخرى...