قضايا

يا رونار "الله يعطينا زْهرْ الخايْبات"

محمد الشمسي

تحدثت مصادر عن أن هيرفي رونار يحتل الصف الخامس، وعالميا، على مستوى الراتب الشهري الذي يتقاضاه من خزينتنا.. وتحدثت ذات المصادر عن أن رونار ومواطنه بوميل وثالثهم مصطفى حجي يتجاوز مجموع رواتبهم 210 المليون سنتيم شهريا، قرابة نصف المبلغ يلهفه الثعلب الفرنسي، وما فضُل هو بين الاثنين المعلومين .
وبعملية حسابية بسيطة وساذجة، فخلال الثلاث سنوات التي قضاها هيرفي رونار على رأس النخبة المغربية، فقد حصل الرجل على قرابة 3 ملايير سنتيم ونصف، وحصل رفقة مساعديه على مبلغ يقارب الـ 10 ملايير سنتيم، مع التحفظ على قدرتي في حساب الملايير.. وللتخلص من مدرب مخفق كرونار تحتاج الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى أداء "مؤخر صداقه"، وقدره 5 ملايير سنتيم .
وقياسا عليه، فإن طاقم رونار المكون من أكثر من 13 فردا، يكون قد التهم عشرات الملايير.. وإذا أضفنا هذه الملايير إلى الرواتب والمنح التي تسلمها اللاعبون وكذا السفريات والفنادق وما يدخل في ذلك، نكون قد أهدرنا "فلوس صحيحة وكثيرة وكبيرة" من أجل "لا شيء"، وبلا محاسبة ولا حكامة ولا هم يحزنون .
إذن فصديقنا رونار سيكلف الجامعة المغربية مبلغ 5 ملايير سنيتم، سواء وقع الطلاق البائن بين الطرفين، أو استمر هيرفي في منصبه براتب 100 مليون شهريا إلى سنة 2022 .
وهنا يحضرني المثل الوارد في عنوان المقال "الله يعطينا زهر الخايبات".. والقصد بـ "الخايبات" هنا ليس قبح الوجه أو الخلقة، فليس هناك وجه قبيح ووجه حسن، بل هناك فقط ضوابط ومعايير تختلف من عين لأخرى بحسب الثقافة والرغبة والمحيط.. فلا قبح يعلو على قبح النتائج وبشاعة المردود، الذي تقابله غلة مليحة يحوزها قوم خائبون.
ربما يعمد فوزي لقجع إلى بيع شرط رونار للاتحاد السعودي قصد التخفيف من هول الخسائر، على الأقل ينجي لقجع نفسه من "حساب مالي عسير"، يثقل موازينه المثقلة أصلا بأوزان الإخفاق، وبادر هذه الكعكة المسمومة، وربما لهذا السبب كان لقجع يرجو رونار ألا يرحل...، وهذا رئيس الاتحاد السعودي يحل بالمغرب لترتيب "شراء فرو الثعلب الفرنسي"، وقد يكون هذا مبررا لعدم الإعلان عن الانفصال الجسدي والروحي بين جامعة لقجع والمدرب الفرنسي الذي يتغنى بكأسيه القاريتين اللتين فاز بهما مع زامبيا وساحل العاج، ونشك في أن تكون الكأسان الأخيرتان له، ولن يجني من ورائهما رونار غير السراب.. فالرجل ركبه الغرور، وفقد حسه الاحترافي حين بات ينتقي المنتخب على مزاجه مستحضرا "الصحبة والعشرة"، وحين صار يقطن في بلد غير البلد الذي يدرب منتخبه، وحين هام وراء الوصلات الإشهارية، وحين فقد العصمة وصار يهاب لاعبين وهم لا يعيرونه اهتماما، لنجني من وراء كل ذلك الهزيمة ...
لا أعرف كيف استطاع رونار أن يثبِّت بند شرط الخمسة ملايير في عقده الاحترافي، وكيف استغفل رونار فوزي لقجع بتجربته في القطاع المالي.. وها هو اليوم مثل "منشار سفارة السعودية في تركيا"؛ فإن وقع تطليقه يربح الخمسة ملايير، وإن بقي جاثما على صدور الأمة يربح خمسة ملايير، أي أنه فاق "طالع واكل نازل واكل"، بل تجاوزها إلى "تقطيع" أوصال المال العام .
لا يستحق رونار ما توصل به من جامعتنا من ملايير، ليس بالنظر إلى نهج سيرته، فنهج سيرته لا يعنينا، ونهج سريته لم ينفعه معنا، بل بالنظر إلى ما جنيناه معه من انتكاسات كروية، ثم لا تستحق ميزانية وطننا الحبيب أن تخصص لمدرب منتخبها الوطني كل هذا البذخ المالي، وكأننا دولة نستخرج الألماس والذهب والفضة والغاز الطبيعي والاصطناعي، ونملك مناجم الملح والكامون.. فنفقات كرتنا يجب أن تلائم مستوانا وتاريخنا في اللعبة أولا، ثم ظروفنا المادية التي تناسب وضعية اقتصادنا الهش ثانيا، ويتعين علينا أن نعود للتاريخ كلما تضخم في دواخلنا "الأنا اللعين".. ففي خزانتنا كأس واحدة أكلها الصدأ، من أواسط سبعينيات القرن الماضي، ربما لم تكن الكرة سنتها دائرية بشكل كامل، وكانت المسابقة في شكل بطولة، وشارك فيها 8 منتخبات فقط.. في زمن كان فيه بعض "العلماء" يحرمون كرة القدم حتى، ثم إن دولة بهذا الإنجاز المحتشم من العار عليها أن تنتدب مدربا وتجعل راتبه هو الخامس عالميا بين رواتب المدربين، وإن كان ولابد من أن نجعل أنفسنا الند للند مع الجارة إسبانيا كما يدعي لقجع "مول البالون"، فلنكن مثل إسبانيا في نهضتها الكروية، وعالمية بطولتها، وأمجادها الكروية، و"مانعاندوهاش عا في راتب المدرب"، ثم إننا لا نحتل المرتبة الخامسة اقتصاديا أو رياضيا حتى يكون مدرب منتخبنا هو الخامس دخلا ماليا .
تلعب الجزائر نهاية قارية بمدرب محلي كان مغمورا، وها هو يصنع له عظمة وشأنا، وراتبه لا يتجاوز راتب طبيب منتخبنا أو راتب طباخه.. ولعبنا نهاية قارية مع بادو الزاكي الذي لم يفز من ذي قبل بأي كأس أو بطولة ولو محلية، ونخرج نحن اليوم من "دار العرس" مذمومين يقودنا مدرب يسبقه الرعد بلا مطر والجعجعة بلا طحين، وحتى كأساه القاريتان بتنا نشك أنهما مطليتان بكثير من الحظ و"الزهر" وصُدف الكرة التي تدور وتتدحرج.. وعسى أن نستوعب العبرة من هذه الدروس القاسية والمؤلمة لنا نحن معشر الجماهير العاشقة للمنتخب ولكرة القدم، وألا تخدعنا نهج السّْير مستقبلا...