فن وإعلام

ليالي تماريت

عادل الزبيري

ما أصعب كتابة نص روائي، وما أصعب نيل الاعتراف في المغرب؛ هذه حقيقة مرة حدا عشتها بعد اقترافي لجريمة نصي الأول أدبيا: "زمن العرفان"
ففي سرير المرض، استعملت الرواية كمضاد ناجع للألم، أخرجت رواية "ليالي تماريت" من رفوف الانتظار، لصاحبتها الروائية المغربية أمينة الصيباري
اكتشاف جديد بالنسبة لي، لثاني روائية مغربية أستمتع بالقراءة لها، في العام 2019
أعلن بكل روح رياضية، كقارئ محترف أن كريمة أحداد وأمنية الصيباري، راوئيتان مغربيتان لم أندم على شراء عملهما الروائي في العام 2019، وقررت وضع عملهما ضمن مجموعتي الخاصة للأدب المغربي المعاصر
لم تستعرض أمينة الصيباري مهارات في الكتابة، بل قررت السهل الصعب، نص روائي يجري كنهر دافق، وتأتي الأحداث تواليا دون كثير تعقيد، في حبكة نص غير معجز للفهم أمام القارئ
ففي بداية كل فصل، فضلت الكاتبة استعمال "عبارات" افتتاحية  لأسماء عالمية؛ في الفكر الإنساني والرواية، لأنها على ما يبدو  تأثرت بها، قبل أن تعود  الأحداث لتدور  في سلام
واحترمت أمينة الصيباري القارئ الباحث عن نص شهي في التتبع، بعيدا عن التقنيات المعقدة في بناء النص الروائي التخييلي، بل أثثت أمينة نصها بتوابل واقعية، من أسماء الأماكن، وبأحداث سياسية بارزة في التاريخ المغربي الحديث
تركت أمينة الصيباري الحرية للقارئ في الانتقال السلس، بين مراحل من سيرة حياة البطلة؛ من المرحلة الجامعية ودراسة الجماليات، حارصة في ذلك، على استعمال لغة ميسرة في الكلمات، وغير معقدة في التراكيب؛ وهذا قرار جميل في لغة الحكي، أنتصر له في الرواية العربية في المغرب
وانتصرت الروائية المغربية بكل شجاعة، لمهنة الصحافة، في مواجهة واقع حالي سيء جدا، بانتقاد صريح لظاهرة الكهربائيين في المغرب، باستحداثها لشخصية "التكاتك" ورابطته الإلكترونية
ووجهت أمينة سهام التقويم، صوب ظاهرة التدوين الإلكتروني، التي أنتجت لنا أشباه مثقفين، قادمين من درب غلف في مدينة الدار البيضاء
فلكل هذا، أعتقد أن الصيباري واعية بأهمية العمل الصحافي المهني في المغرب، لهذا اختارت لبطلتها أن تشتغل في مجلة "المَقام"، بعد تخرجها من الدراسات الجامعية، واشتغالها في رسالة الدكتوراة على تجربة فنية تشكيلية لفنان مغربي
كما تفننت أمينة في تطريز تفاصيل لعلها تنتمي إلى مسيرتها الحياتية، فلربما هي عاشقة للزريعة السوداء، فأوجدت لها مكانا في "ليالي تماريت"
وأعترف أني تبسمت، في  وسط نوبة ألم شديد، لما وصفت الصيباري حال التلفزيون، الذي يتغطى بثوب مطرز، وتضع سيدة المنزل ورودا فوقه؛ فالروائي الناجح في اعتقادي؛ هو وصاف لادق التفاصيل البسيطة
ويبقى الراجح لدي في الرأي أن أمينة الصيباري مثقفة مغربية، واعية بأن النص الروائي النافع؛ وصفة تجمع في طبخة واحدة، بين متعة الأحداث، وسلاسة في اللغة، وعمق في تمرير الرسائل الإيجابية حيال قضايا مصيرية في المغرب
فهنيئا للرواية المغربية بكاتبة اسمها أمينة الصيباري، تقدم نفسا جميلا جديدا