قضايا

هدهد الوطن وبومة الجماعة...

عبد العزيز المنيعي

بين الهدهد والبومة، مسافة بحجم الامل و اليأس، مسافة تحسب أيضا بالتفاؤل و التشاؤم، كما انها مسافة بين الكائن السوي ونظيره في خانة المنحرفين.
هدهد الوطن جاءنا بالنبأ اليقين، أن المغرب يسير في إتجاه لحظته المتألقة بكل تفان و عمل وإشتغال وكد وجد وجهد كبير. يقتات على الامل والعمل طبعا، يبني صرحه بسواعد و أفكار العاشقين له والغيورين عليه، وفي مقدمتهم حاميه الملك محمد السادس.
في الجهة المقابلة بومة "جماعة العدل و الإحسان" و من والاها و من غمس خبزه في مرقها المسموم، تلك البومة التي لا تكف عن النعيق وعن الاقتيات على لحم الوطن وسيرة الوطن.
لم يكن منتظرا من هذه البومة المشؤومة، أن تصدر صوتا غير ما تعودناه منها، صوت نشاز يحاول زرع اليأس في الاكتاف المستعدة للبناء، وإعطاء صورة شبيهة بتلك النظرات الخبيثة المستعدة للإنقضاض على الفريسة في جنح الظلام.
لم يكن منتظرا منها، غير ما قالته تعليقا على خطاب العرش، بمناسبة مرور عقدين على حكم الملك محمد السادس، لتؤكد مرة اخرى انها وفية وفاء الأفعى، ومخلصة لسمها, وملتزمة بسيرها في منعرجات الهاوية.
لذلك ليس عجيبا أو غريبا أن تقول إن خطاب العرش لم يحمل أي جديد، بالفعل لم يحمل أي جديد بخصوص إعادة المغرب إلى قرون التخلف، وإغلاق بواباته الكونية، لم يحمل أي جديد بخصوص القطع مع كل المكتسبات الحقوقية و اللإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية. أكيد أنه لا جديد من وجهة نظر تفتقر إلى بعد النظر، ورؤيا تحتاج إلى مليون نظارة لتكتشف أن الصورة واضحة و ناصحة وفاضحة لألاعيبهم المقرفة.
وكي نكون موضوعيين في قولنا وردنا على هؤلاء، نضع الامور في نصابها، فالمغرب الذي يعيش لحظته المتألقة، يسير بإتجاه المزيد من الإنفتاح والتسامح والتعايش، المغرب يطمئن مواطنيه على عيشهم، ويقول ملكهم انه يعاني معهم ويعيش الألم معهم ويسعى جاهدا للعمل على إنهاء هذا الوضع بأي ثمن.
خطاب العرش لم يقل للشباب إشتروا "كروسة" وسيحوا في الازقة و الدروب وبيعوا عطر المسك المزيف، والسبحات واطلقوا العنان لصوت آلات التسجيل بما تيسر من عذاب القبر و بئس المصير، خطاب العرش لم يزج بشبان في جحور ونفخ في مسامعهم ما فاض من حقد وخبث ضد المجتمع.
خطاب العرش، أتى بالنبأ اليقين، غد موعود لحاضر أفضل من امس، وهكذا تتوالى الأيام، الفيصل الوحيد في ذلك هو ما انجزت و ليس عدد الأعضاء الجدد الذين "دخلوا" غار الجماعة. الفيصل الوحيد هو ما هو كائن من عمل ومن مشاريع و من أفكار، وليس تلمس طريق العميان في متاهة الجهلة، وعد الرؤوس التي شاركت في مسيرة هنا أو هناك، وإسترجاع دروس الكيد السالفة والآنية و اللاحقة.
نعتذر إن كان الهدهد قد اعطى النبأ اليقين، بأن لا مكان لكم في وسط الورش وأنتم تحنون الرؤوس وتصوبون عيونكم على كل السواعد وتنبشون في رماد المكر لتشعلوا نيرانا لن تحرق سوى شاعلها..