قضايا

قبلات الغراس وفرحة امزازي

عبد العزيز المنيعي

أخيرا انتهى الجدل الواسع و العريض والمربك الذي عاش تفاصيله مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية و التكوين، والذي انتظر في الظلمة حتى انفرجت غيوم الاحزاب وتم التصويت عليه ليخرج إلى ضوء النهار.
اخر المصوتين عليه، هو مجلس المستشارين، وجلسة التصويت التي إنعقدت الجمعة، عجت بالمشاهد العجيبة و الغريبة التي لا تدل على أن الناس صوتوا على مشروع قانون، وإنما صوتوا لهزم خصم إفتراضي، جاءت به النقاشات العقيمة طيلة الشهور الماضية.
الملاحظات التي تم تسجيلها، أثناء التصويت، لا علاقة لها برجاحة النقاش وموضوعية القرار، وما إلى ذلك من ركائز التشريع الذي يجب أن يكون محوره المسؤولية و لا شيء غير ذلك.
صور عابرة نقلتها تغطية إحدى القنوات التلفزية الوطنية، مستشار يرفع يده موافقا على تمرير القانون الإطار، وللتأكيد وباستهتار واضح، رفع يديه معا. الحركة التي لم يحسبها عبرت عن قوله ضمنيا "وصافي ها حنا موافقين".
الصورة الثانية التي التقطتها كاميرا التلفزة، قبلات الغراس على خد امزازي، كلاهما في حكومة العثماني، ومن حق كاتب دولة أن يهنئ وزيره بالزفاف أو العقيقة أو مناسبة اجتماعية خاصة، من حقه أن يقدم له التهاني كما يحلو له، لكن ليس بطريقة تدل ان امزازي انتصر في معركة خاضها ضد من لا ندري أو ربما ندري و لا نريد أن نعترف اننا ندري.
يبدو أن القانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم كان بمثابة لعبة القبضة الحديدية، ومحاولة إسقاط قبضة الخصم، الذي هو نفسه حامل اليد التي تمتد للمصافحة عند بداية كل مجلس حكومي. امزازي ليس وزيرا في حكومة غير حكومة المغرب، والغراس أيضا زميله، والعثماني رئيسهم وهذا من ذاك... لكن شاء العبث أن يقف بعضهم ضد بعض في مسألة حيوية وتستدعي الإجماع الحكومي قبل طرحها للنقاش على المعارضة.
الاكيد أننا تنفسنا الصعداء بعد هذا الزمن الفارغ الذي مر منه مشروع القانون الإطار، وبالتالي زمن فارغ امام التعليم بشكل عام، نضيف إليه ما عاشه الموسم من احتجاجات صاخبة وإضرابات واعتصامات لم تنته إلا بشق الأنفس.
والاكيد أن مشروع القانون الإطار مكسب حقيقي، وكنا نتمنى أن يكون مكسب آخر إنضاف إليه وهو مكسب الانسجام الحكومي، لما فيه مصلحة الوطن و المواطن. وعلى المعارضة أن تقوم بدورها، لكن دون أن تختلط الأوراق ويصبح المشهد عبارة عن لوحة سوريالية دون معنى..