قضايا

تدوينة "الشورطات"... عندما تتكلم الحجارة وتقول أن المغرب كان مختلفا (صورة)

عبد العزيز المنيعي

في كل مرة نضطر للرد على التحجر، نصاب بعسر الهضم الحياتي، وتفر منا قوة الإدراك وشدة التركيز، لأن مثل هذه "العقول" أو بالاحرى العقليات، مرتعها الخصب هو المياه الضحلة.
واقعة تهجم برلماني، مع وقف التنفيذ الفكري، للصفة طبعا، والمنتمي لحزب العدالة و التنمية. ليست واقعة منفردة و يتيمة وغريبة. بل هي إمتداد ل "فكر" متجدر لدى أمثاله، الذين يريدون حلب الثور، وممارسة التدليس وإعطاء صورة عن المغرب لا تمت بأي صلة لحقيقة ملامحه المنفرجة، وأساريره المنبسطة، وإبتسامته الكونية، وتقاسيم وجهه السمحة.
وحتى لا نهيم على وجهنا في دروب التعابير، نتوقف عند هجوم البرلماني المذكور، صاحب فضيحة "الشورطات"، على اللباس، ووصفه إرتداء المتطوعات البلجيكيات للسراويل القصيرة بالإستفزاز المقصود به تعرية المجتمع "المحافظ".
البرلماني نسي أو تناسى أو تعمد نسيان أن شوارع المغرب تعج بفتيات مراهقات يرتدين "الشورطات"، ولم يعتبر أي أحد من المواطنين أن ذلك استفزازا، أو فتنة أو تحريضا على العري. لأن العري هو عري العقل من الفكر السليم، عري الروح من الاخلاق الحميدة و المتسامحة، عري الإرادة من احترام اختيارات الأخرين. ذلك هو العري الحقيقي.
 و"الشورطات" كانت مند زمن و"الميني جيب" والتنورات الجميلة القصيرة أيضا كانت موضة أيام السبيعنيات. كان مختلفا قبل هجوم التعصب على المجتمع، وتحميل الذنب لذاك ونعت تلك بأقبح الصفات. المغرب كان مختلفا السماء فيه صافية، قبل اكتساح الغيوم السوداء ومحاولة حجب شمسه.
الصور التي نرفقها مع هذا المقال، تدل علينا، وعلى إنفتاحها وإختلافنا عن ما يقوم به هؤلاء، وعين الصواب أن نفطن جميعا إلى هذه اللعبة التضليلية، التي تحاول إيهام العالم أن المغرب ليس كما يخالونه، وبكون المغرب "محافظ" منغلق متشدد لا يسمح "بالشورطات" أو ما خف من لباس، وأن شواطئ البلاد كلها "بوركيني".
علينا أن نفطن إلى هذه اللعبة، فتحويل الأفكار يبدأ بإقناع الاخر، ثم إقناع النفس ثم تحويل الوهم إلى حقيقة و السراب إلى واقع أمر.
إنهم يريدون أن حياكة كسوة على مقاس عقولهم ليس على مقاس جسم المرأة أو الرجل، يريدون أن بناء مجتمع كما يحلمون به، وأن يكون لهم السبق دائما في "الدخول إلى الإيمان"، وأن يكونوا "قدوة"، و مرشدون للسائرين في أرض خلاء قاحلة لا امل يرجى منها..
واقعة المتطوعات البلجيكيات، وما فاض منها، وما تداعى بسببها وما قيل هناك وهنا، تدعونا إلى التفكير مليا قبل أن نستمع لأي شخص يضمر الخراب في عقله، أو نصق من ترتدي الحجاب كمهنة سياسية، أو نتبع من يدعي الطهرانية ويتجول في ليل باريس برومانسية... واللائحة طويلة... فضائح بالجملة... ويقولون المغرب كان مختلفا، نعم كان كذلك لأن الكل كان يظهر ما يبطن والكل كان يعيش اللحظة المغربية بكثير من الانفتاح والتسامح..