على باب الله

فلترقص أسي بولعجول بقدر عدد القتلى

المصطفى كنيت

" الموت يفجع الأحياء"، هذا ما كتبه الشاعر محمود درويش.

الموت لا يفجع الأموات، لأنه كما قال المتنبي " ما لجرح بميت إيلام"، لكن قلب  بولعجول، رئيس اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، لا يفجع إطلاقا، لا  للأرامل و لا للثكلى و لا للأيتام، ما دامت اللجنة، تقوم بعملها في توزيع المنشورات عند ملتقيات الطرق، وتعليم الصغار كيفية قطع الطريق والسير على الرصيف.

يجلس بولعجول فوق مقعده الوثير، في مكتبه الوثير، بشارع العرعار، يوزع التصريحات والابتسامة،  يحصي عدد القتلى، ويقوم بالحملات التواصلية والتحسيسية  في التلفزة والإذاعة والجرائد الورقية و الإلكترونية، ويدفع مقابل ذلك من المال العام.

يجلس بولعجول مرتاح البال، ما دامت مسؤولية الحوادث يتحملها، دائما، سائق متهور ، أو سائق في حالة سكر، أو عاصفة رعدية أغلقت ممرا، أو صخرة سقطت من أعلى جبل...

يجلس بولعجول، يقرأ فنجان حوادث السير في المغرب، لكن علم الغيب يخونه، ويخون وزيره، فالحوادث دائما في ارتفاع.

أما نحن ففي كل حادثة نقرأ سورة الفاتحة ترحما على القتلى، و نرفع أكف الضراعة إلى العلي القدير أن يسكنهم الجنة مع الصديقين و الشهداء وحسن أولئك رفيقا، تم نقيم ولائم الأكل، و نعد القتلى في نهاية كل أسبوع، وفي نهاية كل عام، ونقارن عدد قتلانا خلال العشر سنوات الأخيرة، و يأتي الوزير إلى البرلمان، ليعلن للرأي العام أن عدد القتلى انخفض بنسبة 1 في المائة، وعدد المعطوبين ارتفع بنسبة 3 في المائة، وهكذا دوليك إلى ما لا نهاية...

و في كل يوم نلعن الحالة المتردية للطرقات، والحالة الميكانيكية للعربات، و نردد مع عبد الحليم حافظ: يا ولدي وقد مات شهيدا، و عدد الشهداء يرتفع ليتجاوز 3000 كل عام، تقدمهم الحكومة واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، التي ستصبح وكالة، قربانا للطرقات، و تم نقيم حفلات العزاء، ونردد المثل القائل: " كيّتْ لي كوّز ( بمعنى مات) لي بقا يلوز (يرقص)".

فلتلوز أسي بولعجول كما طاب لك  بقدر عدد القتلى.