رأي

محسن قضاض: الإحسان الرقمي .. شبكات التواصل الاجتماعي نموذجا

منذ مجيء نسخة الويب 2.0، التي ضمت مواقع التواصل الاجتماعي، كنوع جديد من أنواع الويب يعمل على السماح للمستخدمين للقيام بما يسمى بالتفاعل الاجتماعي.. ومع ظهور "فيسبوك" سنة 2004 لصاحبه مارك زوكربرك، والذي أصبح اليوم موقعَ التواصل الاجتماعي الأول عالميا والأكثر استعمالا على المستوى الدولي وفي المغرب على وجه الخصوص، حسب مؤشر موقع ألكسا العالمي؛ وهو الموقع الإلكتروني الشهير الذي يُصنف المواقع الإلكترونية حسب الأكثر إقبالا من طرف زوار الأنترنيت.

موقع "فيسبوك" أو العالم الأزرق، حسب ما يحب البعض المناداة عليه، بالإضافة إلى ضمه للمليار مستخدم وأزيد، فإنه يضم الملايين من المشتركين المغاربة، ويتم استعماله لمشاركة الصور والفيديوهات الشخصية أو تلك التي تهم قضايا المجتمع، وأيضا هو وسيلة لتقاسم ومشاركة مختلف المواضيع وتبادل الأفكار، وأحيانا هو مناسبة للبحث عن أصدقاء قدامى في فترة من الفترات، كل ذلك من خلال ما يوفره من خدمات، كالصفحات والمجموعات وأيضا مما يوفره من وسائل التفاعل من خلال ميكانيزمات المشاركة والتعليق ورموز التفاعل والإعجاب.

وفي الآونة الأخيرة، أصبح موضوع الإحسان عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو ما أَسميته في العنوان بـ"الإحسان الرقمي" يُلوح في الأفق ويتوسع وسط شبكة التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم، حيث يعمل العديد من الشباب والشابات في كافة ربوع وأقطار المملكة على استعمال هذا المفهوم لنشر بعض الحالات الإنسانية التي تستدعي التدخل لمساعدتها خاصة في مجال التطبيب، أو لجمع تبرعات قد تكون مادية أو في بعض الأحيان مالية خاصة في بعض المناسبات الدينية كمناسبة عيد الأضحى، حيث يعمد هؤلاء الشباب إلى نشر فيديوهات أو كتابات على الحائط الفيسبوكي قصد جمع التبرعات من أجل، مثلا، اقتناء أضاحي العيد للمعوزين.

فهل هذا النوع من الأعمال يعتبر وسيلة حديثة تستدعي ملاءمة القوانين معها؟ أم أن الأمر يدخل في إطار الإحسان العمومي وبالتالي يجب على المعني بالأمر الخضوع لطلبات الترخيص بالتماس الإحسان العمومي لمقتضيات القانون رقم 71-004 الصادر في 21 من شعبان 1371 (12 أكتوبر1971) الذي يتعلق بالتماس الإحسان العمومي؟ خاصة أن هذا العمل الذي ظاهره فيه المنفعة العامة، غالبا ما يتم وضعه في خانة عمل النصب والاحتيال، لا سيما أن الأمر يتعلق بمبالغ مالية ستضخ في حساب بنكي، وإن كنا نؤمن لا محالة بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.