مجتمع وحوداث

ماذا جنت الادارة المغربية من دستور 2011 ؟

سميرة مسرار

سبق لي وأن طرحت سؤالا : ماذا جنى المغاربة من دستور 2011 ؟ والآن أتساءل : ماذا جنت الادارة المغربية من دستور 2011 ؟

تقارير عديدة عن واقع الإدارة المغربية تفيد أنها في تدهور ملفت للنظر، ذلك أن الدولة لم تعد تجد الأطر المحنكة والكفاءات المتميزة لتوكل إليها عددا من مناصب المسؤولية. ثم إن هناك جملة من التعيينات تمت بمقتضى المسطرة الجديدة للتربع على مناصب عليا، لممارسة المسؤولية، لفائدة عدد من الأشخاص لم يرْقَ مستواهم المعرفي والتدبيري إلى مستوى رؤساء المصالح، فما بالك بتعيينهم في مناصب المدير المركزي او مدير للمؤسسات العمومية! أضف إلى كل هذا وجود الخلل والضعف في وضع تصورات جديدة لتطوير العمل الإداري بغية الرفع من قيمة القطاعات الحكومية والعمل على تدبيرها بشكل جيد. غير أن ما نأسف له بالفعل هو أن الأجور تصرف للموظفين في آخر الشهر، كل حسب إطاره، دون مراعاة للنتائج والمردودية. والغريب في الأمر أن كتلة الأجور تتضخم بشكل لا يتناسب والمستوى العام للنمو الاقتصادي لبلدنا وهو ما يجعل الإدارة مكلِّفة اقتصاديا.

بحثت عن دراسات وتقييمات في مجال الإدارة المغربية تجسّد هذا الضعف وتقيّم كافة المصالح لمعرفة قيمة الخسارة الناتجة عنها وأثرها على نسبة النمو الاقتصادي، لكنني لم اتوفق في ذلك نظرا لغياب معطيات ثابتة لحصيلة العمل الإداري. إن هذا التعتيم الحكومي لا يخدم الإدارة التي نراها اليوم تنحدر نحو الأسفل وقد تخلت عنها الدولة كما تخلت عن الجماعات الترابية لفائدة شبكات النفوذ علما بأن السير المنظم و الممنهج والعقلاني لها هو الأساس في إنجاح كل المخططات الرامية إلى تفعيل سياسات الحكومات المتعاقبة خدمة للوطن والمواطن.

إنه لمن المؤسف اليوم أن نلاحظ أن أزمة الإدارة أصبحت أزمتين : أزمة تسيير وأزمة سلوكيات! أما التسيير فيكفي النظر في عمل المصالح، وأما السلوكيات فتلك التي تظهر في تصرفات بعض المسؤولين في الإدارات العمومية. نلاحظ أن هؤلاء الأخرين لا يعانون من نقص في مستوى الكفاءة والتدبير فقط، بل في الأخلاق والتربية أيضا، ذلك أن بعض المصالح أصبحت عبارة عن حلبة للثيران حيث الصراع والقتال هما الأساس إذ بهما يتأكد البقاء للأقوى ولكل من يستطيع ممارسة السلطة ومرض التحكم ليظفر بالانتصار في الأخير على أقرانه ومنافسيه.

إن المغرب الذي يطمح لدخول القرن الواحد والعشرين بشرف وقوة، للالتحاق بركب الدول المتقدمة ومواكبة التطور الاقتصادي والتكنولوجي العالمي، في حاجة إلى إدارة سليمة وطاقات متميزة وتسيير إداري نزيه ومحكم؟ إن المغرب ــ في ظل التحولات العالمية الجديدة ــ في حاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إلى البناء لا إلى التخريب. وعليه، فلن يتمكن بلدنا من إصلاح ما يمكن إصلاحه إلا باعتماد مسؤولين قادرين على وضع استراتيجيات وبرامج محكمة، بدل تسمين ديوك تتصارع في السر والعلن لتثبت قوتها في الحظيرة وفي حلبات الصراع المكشوفة.

ما دام وضع الإدارة كما هي عليه الآن، فلا داعي للتساؤل عن أسباب السخط والتدهور الاجتماعي وعن تراجع معدلات النمو الاقتصادي التي لم نعد نتحكم فيها بتاتا.