قضايا

كرة القدم ... تذهب مع رياح السماسرة

عبد العزيز المنيعي

قد يعتبر خبر انتقال لاعب مغربي مقاتل مثل رومان سايس، من الدوري الإنجليزي إلى الدوري التركي، مجرد خبر عادي، ويدخل ضمن "الميركاتو" الصيفي، وما إلى ذلك من الأسماء التي باتت تلاحق صفقات انتقال اللاعبين من نادي إلى اخر.
 لكن الذي يثير الخوف فعلا هو قيام البعض بالتطبيل لهذا الانتقال، كما لو كان سايس سينتقل من الدوري التركي إلى الدوري الإنجليزي والعكس هو الواقع.
إلى جانب سايس، يوجد عدد من اللاعبين المغاربة الكبار، موهبة وعطاء و أداء تنازلوا عن فرقهم الكبيرة وغادروا إلى دوريات محترفة نعم، لكنها ليست من وزن دوريات اوروبا. ولنا في ذلك عدة نماذج لا يمكن حصرها في هذه السطور.
لكن تبقى صفقة أيوب الكعبي، أكبر صفقة خاسرة، ضاع فيها اللاعب و ضاعت أيضا كرة القدم المغربية في هداف متميز كان سيكون مصيره مختلفا لو احترف بالشكل الصحيح.
الحديث عن "احتراف" المغاربة، هو مجرد تكملة لما تعيشه كرة القدم المغربية، هذه الكرة التي كانت سباقة إلى خوض غمار الاحتراف الحقيقي في أوروبا، وفي اندية كبيرة، أيام كان ليس من السهل ركوب سفينة الإحتراف وخوض عباب بحره، كان لدينا كريمو والزاكي و بودربالة واللائحة تطول، بل كان لنا العربي الجوهرة السوداء الذي جاور الكبار أيام الزمن الجميل في إسبانيا. لكننا اليوم نرضى فقد برد "البطالة" عن لاعبينا الذين تألقوا، ومصيرهم بيد سماسرة لا قلب لديهم سوى على الرصيد البنكي، ولا يمكن أن يفكر في مصير اللاعب قبل مصيره.
حال هؤلاء مع اللاعبين المغاربة، مثل هؤلاء مع المنتخب، مدرب يمضي و اخر يأتي، والحال هو هو، حتى الاختيارات قضاء وقدر، تنزل من علو شاهق مكتوبة مرتبة ومرقمة.
خبر انتقال سايس، من الدوري الإنجليزي إلى الدوري التركي، مع التأكيد على اننا لا نستهين بأي دوري، يزيد من "الفقصة" التي نعانيها، ونحن نتابع مفاوضات مدير أعمال نيمار، أو أي لاعب آخر لا يتزحزح إلا بما يرضي إمكانياته وأحلامه وطبعا احلام جمهوره.
مدير الاعمال هناك، الذي يتحول إلى مجرد سمسار هنا، يبيعك المنزل حتى ولو كان "خربة"، وكذلك الشأن مع اللاعبين يبيعونهم الوهم والوعود ويحاصرونهم بالتخويف من المستقبل ومن البطالة و من نسيان الجمهور لهم، ويزكون ذلك بكون المهم هو المشاركة و البقاء في اللعبة.
 لكن أي لعبة، وأي مشاركة...
 الكعبي ذهب مع الريح وأظن من المستحيل استعادة الهداف الذي كان، والبقية مضوا في مسيرتهم داخل دوريات غير أوروبية ولا نريد هنا التسمية، حتى لا نظهر بمظهر المتحامل، لكننا صراحة نريد أن نرى اللاعب المغربي "تتخاطف" عليهم كبريات الأندية في بطولات تنتج التألق وليس الاستثناء..
السؤال البسيط، هو ماذا أصاب كرة القدم المغربية؟
الجواب الأبسط، هو سرطان الذاتية والمصالح الشخصية و المكاسب الخاصة..
كرة القدم هي حلم الجماهير وحلم اللاعب اولا، ولدينا أبطال في العزف على هذه الاحلام، ممن يحولون التراب إلى ذهب والعكس هو الصحيح، يحولون الذهب إلى تراب..